ذات مساء ونحن في السفارة الصينية بانواكشوط ومعنا أحد الوزراء في العشرية الماضية حدثنا السفير الصيني بكل مرارة فقال : "أفهم أن انواكشوط بنيت على عجل دون تخطيط عمراني لائق ولكن انظروا إلى حي النجاح الجديد الذي بدأ بناؤه حديثا وفي وقت متزامن وملاكه غالبيتهم من الميسورين فلماذا لا تقوم الدولة الموريتانية بتخطيطه وجعله نموذجا لتنمية المدينة الجديدة بإنشاء بنى للصرف الصحي ومياه الأمطار وتنظيم بناءه وتبليط أماكن الترفيه الموجودة داخله وغرس الأشجار" فجعل كل من الحاضرين ينظر إلى الآخر دون أدنى جواب...
وزاد السفير الصيني : "أفهم أن الرئيس محمد عبد العزيز قد لا يكون يعرف التخطيط العمراني ولكن هذا هو دور الوزراء أن يشرحوا للرئيس مالذي يجب عمله" !!!! هذا الكلام الذي قيل منذ أكثر من عشر سنوات ما زال يتردد صداه في أذني كلما تحسرت على وضعية عاصمتنا التي تعاني من اختلالات عميقة تتعلق بالصرف الصحي ومياه الأمطار والبعوض والسكن العشوائي والنقل الفوضوي والكارثة الكبرى التهديد بالغرق كما تنبأ بذلك الصحفي الكبير محمذ باب اتفاغ في روايته الشهيرة حيث كان الساسة يتحاربون وإذا بمياه المحيط تغرق العاصمة!!!
أظن شخصيا وكما أقنعنا السفير الصيني أن هذا الوضع المزري لعاصمتنا يعود إلى اللامبالاة من طرف مسؤولي البلد أساسا أكثر مما يعود إلى الإمكانيات فلابد من تنظيم أيام تفكيرية حول العاصمة التي نريد: هل نبقى في العاصمة الحالية ونستصلحها أم نبني واحدة جديدة في أطرافها منظمة ومنسقة حسب التنظيم العالمي للمدن وكل هذا في مقدور دولتنا في ظل الثروات الموجودة والمداخيل الغازية المنتظرة.
وهنا لابد من إشراك أهل الإختصاص وجعل المسؤولية في أعناقهم ياوزراء الإسكان والمياه وربما يجب تعيين وزير للمدن في الحكومة القادمة كما هو معمول به في بعض البلدان تكون مهمته الأساسية هو التخطيط وعمران المدن في انواكشوط والداخل... يبقى الأمل ممكنا...
بقلم/ البروفوسور سيدي شيخ