أطفال يبحثون عن آبائهم وزوجات يسكبن دمعة فقدِ حبيب

خميس, 03/03/2022 - 15:52

في الحرب لا يوجد منتصر، في الحرب يقبع الجميع في اللب من الخسارة.
الحرب تفتح مصراعيها على الدماء، فتقتل من تقتل، وترمل من ترمل، وتيتم من تيتم، وتثكل من تثكل.
الحرب تهجّر الأسر من بيوتها، فيهاجر ساكنو البيوت تاركين وراءهم ذكرياتهم وأفراحهم وصورهم ودمى أطفالهم وكتبهم المدرسية، فتضج البيوت بالحسرة تنادي ساكنيها بينما تمسح أم دمعة جدة تغادر مكان عاشت به طوال حياتها ولا تعرف غيره مهجعاً.
يترك الآباء ذكرياتهم معلقة في كل زاوية من البيت علّهم يرجعون لها يوماً إن هي نجت من القصف أو النهب. يتركون سنينهم في دفاتر قد لا تصمد لحين عودتهم، كما يترك الأطفال ضحكتهم الأولى معلقة على سرير يحتفي بالغياب، يتركون حقائبهم المدرسية وكتبهم وأقلامهم فلا يشعرون بالوقت الذي يضيع من بين أيديهم وهم مشردون قبل أن تستقبلهم دولة بصفة لاجئ بعد أن تشطب عزة مواطن سابق.
الحرب تقتل وتجرح فتبقى مدن كاملة تحاول تضميد جراح أهلها فيما أصوات الرصاص والصواريخ تتعالى على صوت التنهدات والحسرة. جرحى مضرجون بخيباتهم، قتلى لم يستطيعوا ترك بلادهم لينهبها غيرهم، أطفال يبحثون عن آبائهم وزوجات يترنحن بين دمعة فقد على حبيب وزفرة حسرة على يتيم.
هذه هي الحرب شعواء حالكة، لا تعرف معنى الرحمة، ولا تلتفت ليد تلوح بالوداع لكل أحبائها وذكرياتها وأفراحها واستقرارها.
الحرب لا يعي صانعوها حجم الدمار النفسي والجسدي والاقتصادي والاجتماعي وووووو.....
الحرب تورث الدمار الذي يعم عالماً كاملاً بينما يظن صانعوها أنها بين دولتين فقط.
تلك هي الحروب بكامل رعونتها وصفاقتها...       

 الكاتبة/ سوسن دهنيم

  

         

بحث