في كثير من الأوقات يعجز العقل عن استيعاب ما هو خفي، ولاسيما عندما يتعلق بأمور العالم السفلي التي نجهلها كليا، وأحيانا يدفع الإنسان ثمنا باهظا لقاء عبثه مع هذا العالم المخيف دون قصد منه، ولكن على كل منا معرفة قدر المستطاع عن تلك العوالم حتى لا يقع معها في مشاكل بجهل منه وهو في غنى عنها.
قصة فتاة قررت كتابة حكايتها كاملة حتى يعلم الآخرون بما حدث معها، وألا يرتكب البعض مثل خطئها فيصير عرضة للعالم الآخر؛ ففي يوم من الأيام قام والدها بشراء منزل فخم كقصور الأثرياء ،ومن الغرابة أنه لم يكن باهظ الثمن، وأرجعت الفتاة السبب وراء ذلك إلى أن المنزل مهجور منذ زمن ويحتاج للكثير من الإصلاحات، فالجدران تحوي رسومات بألوان زاهية ولكنها متآكلة.
وصف منزل الأحلام:
يتكون من طابقين، بالطابق الأول يوجد مطبخ أمريكي التصميم، حجرة لاستقبال الضيوف وحجرة المعيشة وحجرة الطعام والتي بها طاولة كبيرة جدا وكأن الملوك والأمراء كانوا يجلسون عليها لتناول الطعام، وحمام أنيق فخم لا يزال بحالته الأولى يجذب الأنظار؛ أما عن الطابق الثاني فيحوي ثلاثة غرف نوم بكل واحدة حمامها الخاص، وفوق السطح هناك حجرة صغيرة وفي منتهى الجمال حيث أن سقفها مصنوع من الزجاج ربما مالك المنزل كان مولعا بمشاهدة نجوم السماء؛ أما عن حديقة المنزل ومساحته الشاسعة، فهناك حديقتان أمامية مليئة بالزهور ولكنها تحتاج للتقليم وتجميل منظرها وأخرى خلفية وبها شجرة ضخمة يبدو من مظهرها أنها تفوق المنزل عمرا معلقة بها أرجوحة جميلة، ويوجد أيضا مكان للسيارة وبحيرة جميلة بها مياه تصلح للاستحمام.
الحياة طبيعية:
بدأت الدراسة وكل شيء روتيني كعادته، جعلت الفتاة في كل شرف المنزل قفصا به عصافير، وكان المنظر رائعا ويضفي إحساسا بالراحة النفسية مما انعكس على مذاكرتها وتحصليها السريع للمعلومات في أوقات قياسية؛ وكانت هنالك بالمنزل غرفة صغيرة تحوي أدوات تصليح ومعدات من ذلك القبيل، كانت الفتاة تريد استغلال تلك الغرفة وأن تجعلها مملكتها الصغيرة، ولكنها أجلت تنفيذ الفكرة إلى إجازة منتصف العام الدراسي حتى لا تشغلها عن دراستها.
بداية المشاكل:
وأخيرا جاءت الإجازة التي انتظرتها الفتاة لتفعل بها ما تريد، وأثناء تجهيز وإصلاح الغرفة وجدت الفتاة على الحائط الخلفي أشكال رسومات غريبة ومخيفة في نفس الوقت لها أثر سيء على من يراها، هناك آثارا للدماء وخربشة أصابع ولكنها خطرت ببالها فكرة فقررت تصويرها ووضعها على موقعها الاجتماعي لإخافة أصدقاءها، وبعد فترة تناست الموضوع تماما، وبدأت الدراسة وكانت صديقتها تقدم إليها للمذاكرة معا وإن تأخر الوقت عليهما تنام معها في غرفتها التي تطلق عليها مسمى “مملكتي”؛ وفي يوم من الأيام بعد الانتهاء من المذاكرة رغبت الفتاة في مشاهدة فيلم رعب، وأثناء مشاهدته أخذت الفتاة وصديقتها يضحكان بطريقة هيستيرية ويطلقان النكات المضحكة على من يخافون من أفلام مماثلة، وفجأة سمعت الفتاة صوتا قادما من البحيرة التي أمام الغرفة، فتماسكت وتظاهرت بالشجاعة لكي تتأكد من مصدر الصوت، وخرجت برفقة صديقتها وحينها تخيلت الفتاة “مالكة المنزل” أن هناك شخصا ما بالبحيرة ولكن عندما وجهت ضوء الكشاف الكهربائي إليه لم تر شيئا سوى غصن شجرة ثم دخلت الغرفة ونامت هي وصديقتها.
أهوال عالم غريب:
وفي الصباح ذهبت الفتاة للجامعة كعادتها برفقة صديقتها، وعندما رجعت وجدت أباها يخبرها بأنها لم تلاحظ وجود قطة ميتة بجوار باب غرفتها، فدخلت الفتاة غرفتها ولم تلقي بالا ،حيث أنها تملك الكثير من العمل الشاق للجامعة، قضت الفتاة ساعات طوال وانتصف الليل ولم تنهي بعد العمل، فقررت الذهاب إلى المطبخ لإحضار فنجان قهوة ساخن لإنهاء ما تبقى، ولكن أثناء عودتها من المنزل رأت شخصا عند البحيرة فاعتقدت أنه والدها وذهبت إليه لتسأله عن سبب بقائه في تلك الساعة المتأخرة وحيدا، ولكنها لم تجد أباها بل وجدت شخصا محروقا ملامحه متداخلة ودامية لم ترى من وجهه سوى عينيه الجاحظتين فأغمي عليها.
آلام وأوجاع:
واستفاقت الفتاة ووجدت نفسها في حجرة نوم والدها وهو يسألها عن السبب فحكت له ما حدث ولكنه أرجعه إلى إرهاقها بالعمل، ومن بعدها صارت الفتاة تراه كلما أغمضت عينيها وذهبت في النوم لتستيقظ من ألم ما تراه في المنام وتجد آثار الحروق في جسدها؛ قررت الفتاة ألا تنام ثانية وانشغلت مع صديقتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مرة وجدت رجلا يدعي قراءة المخطوطات الغريبة فتذكرت الكلمات الغريبة فأرسلتها له وعلى الفور طلب منها مقابلته لضرورة الأمر، وعندما التقيا قصت عليه كل ما حدث معها، وعندما سألها عن صديقتها أخبرته بأن لها يومين لم ترها فقرر الرجل الذهاب إليها لأنها في خطر، وبالفعل حينما وصلا اشتما رائحة حريق ووجدا صديقتها محترقة بالنيران، فاتصل الرجل بسيارة الإسعاف وحينما همت الفتاة بمصاحبة صديقتها منعها مخبرا إياها أن عليهما مهمة واجبة لإنقاذها وإنقاذ صديقتها.
أحداث تفوق الخيال:
أعلمها الرجل أن تتحايل على والدها لإخراجه من المنزل حتى لا يصيبه مكروه كحال صديقتها وبالفعل نجحت الفتاة في ذلك، وفور وصولهما للمنزل تمتم الرجل بكلمات غريبة أغمي على الفتاة إثرها وعندما استفاقت وجدت نفسها في نفس المنزل ولكنه يبدو غريبا والشجرة صغيرة والبحيرة نفسها ووجدت شخصا يركض تجاهها ويدخل في غرفتها وعندما تحدثت إليه لم يجبها، ومن ثم ركض خلفه شبان كثر ليلحقوا به ولكنه كان قد أوصد باب الغرفة على نفسه فأضرموا النار بالغرفة وحينما حاولوا إخمادها لم يستطيعوا، وبعد فترة كانت النار قد انطفأت ولكنه كان قد احترق بالفعل كليا، إنه ذلك الرجل الذي ظهر إليها مسبقا ودائما ما يحاول أذيتها في نومها، مازال على قيد الحياة ولكن هؤلاء الأشخاص ربطوه بغصن وهم يعلمون أنه حي وألقوه في البحيرة حتى يزول أثر جريمتهم.
استخدام السحر والشعوذة:
جاء والده فلم يجد الابن وعلم بما حدث معه من الأشخاص قساة القلب، فقرر استرجاع ابنه المفقود فعمد إلى كتابة تلك الأشياء الغريبة على جدار الغرفة والتي قرأتها الفتاة فقامت باستدعاء تلك الروح لتظهر من جديد، فحالما مات الوالد ذهبت الروح، وأصبح المنزل لا يقربه أحد لاعتقاد كل من حوله أنه مسكون بالأرواح إلى أن استأجره والدها، ومن بعدها استفاقت الفتاة ليسألها الرجل مباشرة عن مكان جثمانه فأشارت إلى البحيرة ولكنه للأسف لا يسبح بالماء والفتاة تخاف من أن تراه من جديد بذلك المنظر البشع، وفي النهاية تمالكت نفسها واستجمعت قواها ونزلت للماء فوجدته وقامت بسحبه، ودفنه ومن بعدها عادت الحياة لطبيعتها كأن شيئا لم يكن.