![](https://eljewahir.com/sites/default/files/styles/large/public/field/image/279507573.jpg?itok=MIaf4JwS)
كان "حاتم الأصم" رجل من كبار الصالحين ، وحنّ قلبه يوما للحج في سنة من السنوات لكنه لا يمتلك نفقة الحج ، ولا يستطيع السفر بل لا يجوز له الحج دون أن يؤمن نفقة الأبناء
,فلما قرب موعد الحج ,رأته ابنته حزينا باكيا وكان يبدو عليها أمارات الصلاح..
فقالت له : ما يبكيك يا أبتاه؟
قال : لقد قرُب موسم الحج.
قالت : ومالك لا تحج؟
فقال : النفقة.
قالت : يرزقك الله.
قال : ونفقتكم؟
قالت : يرزقنا الله.
قال : لكن الأمر إلى أمك.
ذهبت البنت لتذكر أمها..
وفي النهاية قالت له الأم والأبناء : اذهب إلى الحج وسيرزقنا الله.
سافر وترك لهم نفقة 3 أيام ، وذهب هو إلى الحج وليس معه ما يكفيه من المال ، فكان يمشي خلف القافلة ،
وفي أول الطريق لسعت عقربٌ رئيسَ القافلة ، فسألوا من يقرأ عليه ويداويه ، فوجدوا حاتم الاصم ، فقرأ عليه فعافاه الله من ساعته.
فقال رئيس القافلة : نفقة ذهابك الى الحج ورجوعك ستكون علي من مالي الخاص.
فقال : اللهم هذا تدبيرك لي فأرني تدبيرك لأهل بيتي.
مرت الأيام الثلاثة ، وانتهت النفقة عند الأبناء ، وبدأ الجوع يقرصهم ، فبدءوا بلوم البنت وعتابها، بينما البنت تضحك!
فقالوا : ما يضحكك والجوع يوشك أن يقضي علينا؟!
فقالت : أبونا هذا رزاق أم آكل رزق؟
فقالوا : آكل رزق ؛ وإنما الرزاق هو الله.
فقالت : ذهب آكل الرزق وبقي الرزاق.
وأثناء حديثهم إذا بالباب يقرع ،
فقالوا : من بالباب؟
فقال الطارق : إن أمير المؤمنين يستسقيكم.
فملأت القربة بالماء ، وشرب الخليفة فوجد حلاوة عجيبة بالماء لم يعهدها!
فقال لحرسه : من أين أتيتم بالماء؟
قالوا : من بيت حاتم الاصم.
فقال : نادوه لأجازيه
فقالوا : هو في الحج.
فخلع أمير المؤمنين منطقته - وهي حزام من القماش الفاخر المرصع بالجواهر- ، وقال : هذه لهم.
ثم قال : من كان له عليّ يدٌ فليفعل كما فعلت - بمعنى«من يحبني»-
فخلع كل الوزراء والتجار مناطقهم وأعطوها لبيت حاتم وأبنائه،
فتكوم عدد كبير من المناطق ,فاشتراها أحد التجار بمال ملأ البيت ذهباً...يكفيهم حتى الموت ، وأعاد المناطق إلي أصحابها.
فاشتروا الطعام وهم يضحكون ,لكن البنت بكت بكاء شديدا!
فقالت لها الأم : أمرك عجيب يا ابنتي ؛ كنا نبكي من الجوع وأنت تضحكين ، أما وقد فرج الله علينا فمالك تبكين؟!
قالت البنت : هذا المخلوق الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا «الخليفة» نظر إلينا نظرة عطف أغنتنا إلى الموت ، فكيف بمالك الملك!