حين يصبح بناء السجون مفخرة، ويتحوّل مشاهير التفاهة إلى قادة رأي… هل رفعت الحكومة الراية البيضاء؟

سبت, 15/03/2025 - 17:33

تفاجأت ليلة البارحة بعناوين تصدرت بعض مواقع الأخبار، تنقل تصريحًا منسوبًا للدكتور البكاي ولد عبد المالك، يُعبّر فيه عن أن “بناء سجن في نواكشوط يُعد مفخرة”. في البداية، راودني الشك في مصداقية هذا التصريح؛ فهل يُعقل أن يُدلي رجل أكاديمي ومثقف بمثل هذا الكلام؟ منذ متى كان بناء السجون يُعد إنجازًا يُحتفى به أو يُقدَّم في وسائل الإعلام كرمز للفخر الوطني؟

 

التصريح المنسوب للدكتور ولد عبد المالك، والذي أثار جدلًا واسعًا، يُضاف إلى مشهد أكثر اتساعًا وأكثر إزعاجًا: صعود نجم ما يُعرف بـ”مشاهير التفاهة”، الذين باتوا اليوم يوجّهون الرأي العام على وسائل التواصل الاجتماعي، ويؤثرون – بشكل مقلق – على بعض القرارات السيادية. هذا الواقع يُعد مؤشرًا خطيرًا على توجه البلاد نحو مستقبل مجهول المعالم، خصوصًا في ظل تفاقم أزمة الهجرة، والتي يتم تناولها هذه الأيام على منصات مثل فيسبوك بشكل فوضوي، ودون أية رقابة مهنية أو مؤسسية.

 

الأخطر من ذلك، أن بعض الشخصيات الوطنية والسياسية باتت تشارك في بثوث مباشرة على فيسبوك، تُستخدم لتشويه صورة الدولة، عبر قنوات إعلامية غير قانونية، لا تخضع لأي نوع من الضبط أو المراقبة من طرف الجهات المسؤولة، كـ”السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية”. هذه الأخيرة أصدرت بيانًا مؤخرًا بدا هزيلًا، ولا يرقى لمستوى التحديات التي تفرضها هذه المنصات، خاصة حين تكون هذه البثوث مدارة من خارج البلاد، على يد أشخاص لا يملكون أي صفة قانونية تخوّلهم الحديث باسم الوطن أو الخوض في قضاياه المصيرية.

 

إن ما يحدث اليوم من فوضى إعلامية، وصعود لخطاب التفاهة، يُحتم على الدولة إعادة النظر في كيفية إدارة المشهد الإعلامي والرقمي، حمايةً لصورة الوطن ومستقبله.

 

 

 

الصحفي آبيه محمد لفضل

مدير موقع أخبار الوطن

  

         

بحث