البروفيسور بيرنار سيزون عالم من أكبر علماء الآثار، يرجع له الفضل في اكتشاف موقع آزوگي التاريخي وله عدة مؤلفات في الموضوع. تلقى هذا العالم دعوة رسمية من الجمهورية الإسلامية الموريتانية لحضور فعاليات مهرجان شنقيط.
اعتذر البروفيسور عدة مرات، وهو الخبير بالمنطقة ويدرك تمام الإدراك أن سفرا بهذه الصعوبة لم يعد يتماشى مع عمره. قال لهم : "أنا تعديتُ الثمانين ولم يعد باستطاعتي تحمل سفر كهذا".
أصرَّ المنظمون على استدعاءه قائلين إن غيابه غير مقبول، وهو مُكتشِفُ آزوگي والمهرجان في آدرار. قال لهم إنه لا يستطيع تحمل الطريق بين نواكشوط وشنقيط فقالو له إن نقل كبار الضيوف سيتم على متن طائرة بين نواكشوط وأطار، ثم سيارة مكيفة بين أطار وشنقيط.
قبِل العالم على مضض لأنه يحب موريتانيا ووصل بالفعل إلى مطار نواكشوط ليلة الجمعة، الساعة الواحدة صباحا على متن الخطوط الملكية المغربية.
لم يكن في استقباله أحد. انتظر طويلا. حاول الاتصال ولكن لا أحد يجيب. في حدود الثالثة صباحا طلب منه أفراد الشرطة مغادرة المطار والانتظار في الخارج. جلس على مقعد حديدي ينتظر الصباح.
في حدود التاسعة هاتف صديقه البروفيسور عبد الودود ولد الشيخ المتواجد في فرنسا. على الفور اتصل عبد الودود بصديقه الباحث محمد فال ولد اباه ولد حامد الذي توجه صوب المطار بمجرد انتهاء المكالمة.
طبعا أخذ عالم الآثار في سيارته وتواصل مع جميع موظفي وزارة الثقافة المتواجدين في هاتفه المحمول. وكانت خامس محاولة من نصيب مدير المتحف الوطني محمد محمود ولد أب ولد أنه، الذي منعته ظروف صحية من السفر إلى شنقيط، فقال لهم تلقائيا : "توجهو إلى فندق مورسنتر وهو المخصص لضيوف المهرجان، إذا كان اسمه هنالك يأخذ غرفته وإلا فها أنا في الطريق إلى الفندق وسأتحمل تكاليف إقامته شخصيا".
في الفندق أخذ الضيف قسطا من الراحة وفي المساء زاره موظف من وزارة الثقافة وقال له إن الطائرة المتوجهة إلى أطار سوف تُقلع صباح السبت وإنه شخصيا سوف يأتي إلى الفندق لنقله إلى المطار والتكفل بجميع الإجراءات، وطلب منه التواجد في بهو الفندق عند تمام الساعة السابعة صباحا.
ثم عادت حليمة إلى عادتها القديمة.. بعد الساعة الثامنة والنصف دخل الموظف الفندق يتبختر، ومن الواضح أنه استيقظ لتوه. قال للبروفيسور إنه متعب بسبب مشاغل المهرجان ولذا استيقظ متأخرا. أما الطائرة فقط أقلعت بالفعل ولكن لا مشكلة، السيارات متوفرة..
شكره الشيخ الوقور بهدوء قبل أن يقول له إنه لا يمكنه السفر برا، وقال له إنه في غاية التعب وكل ما يريده هو الرجوع إلى فرنسا في أسرع وقت.
في مساء نفس اليوم هاتفه قائلا إنه عجز عن حجز مقعد على أية رحلة، ولذا ما عليه سوى انتظار رحلة الإياب المبرمجة سلفا يوم 17 ديسمبر.
ولا يزال البروفيسور بيرنار سيزون متواجدا حتى هذه اللحظة في فندق موريسنتر، وأقصى ما يتمناه على لبلادنا هو أن تعيده إلى أهله في أسرع وقت ممكن..
الحسن لبات