أدار الأمناء العامون الرؤوس عموديا للتأكيد على أنهم سينفذون ما طلب منهم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في لقائه معهم، حيث كان سؤال المال العام ومحاربة الفساد الحاضر الأبرز في الحديث إلى المعنيين أولا بالتسيير، والمسؤولين بشكل عام عن جزء كبير من إفلاس الدولة الموريتانية، وانتشار الفساد في مؤسساتها.
يتولى الأمناء العامون تسيير ما يقارب 800 مليار أوقية، وفي كثير من الحالات يتهمون بربط علاقات المنفعة المالية مع المقاولين والموردين، ويظهر التقرير الآتي تفاصيل التعيينات الأخيرة والدوافع وفق الفلسفة الشائعة في تعيينات المسؤولين.
- وزارة تمكين الشباب والتشغيل والرياضة والخدمة المدنية:
الأمين العام: الناجي ولد خطري، المدير المساعد لمستشفى الصداقة سابقا، ينتمي إلى مقاطعة لعيون، ويتحقق بتعينيه تمثيل شريحة الحراطين، إضافة إلى تمثيل مجتمعه القبلي الضيق.
وزارة التكوين المهني والصناعة التقليدية والحرف
الأمين العام: امادي الطالب، أمين عام وزارة التنمية الحيوانية سابقا، تنقل منذ سنوات بين أمانات عامة مختلفة، وهو أحد الشخصيات القوية في مقاطعة كيفة، ومحسوب أيضا على حلف رئيس أرباب العمل السيد زين العابدين ولد محمد محمود، تولى خلال الفترة المنصرمة، وذكرت مصادر إعلامية تسهيله حفر عدد من الآبار لصالح شخصيات مرموقة مقربة مع النظام وحاضنته الاجتماعية، وذلك في إطار جهود "دعم التنمية الحيوانية"
وزارة العدل
‐ الأمين العام: محمد احمد عيده، نفس المنصب سابقا: يحتفظ أمير آدرار بمنصبه بشكل مستمر، ويبدو هذا المنصب أكثر أهمية بالنسبة للأمير من منصب وزير، وسبق أن تولى الأمير أمانات عامة متعددة، ويمكن هذا المنصب من تسيير ميزانية ضخمة جدا، رغم استياء واسع في القطاع من ضعف الأداء.
- وزارة الدفاع وشؤون المتقاعدين وأولاد الشهداء
الأمين العام: اللواء صيدو صمبا جا، الأمين العام لوزارة الدفاع سابقا، يحافظ هذا المنصب على مستوى من التوازن العرقي والجهوي داخل القطاع الذي ما زال يعاني من صبغة لونية في مستواه القيادي، وذلك بسبب تراجع حضور الزنوج في الرتب العليا وهي رتبة لواء وفريق، لأكثر من سبب خلافا لوضعيتهم في ثمانينات القرن الماضي.
- وزارة الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية
الأمين العام: عبد الرحمن ولد الحسن، إداري مدني والي لعصابة سابقا، وهو صديق مقرب من وزير الداخلية، ينتمي بشكل أساسي إلى مقاطعة بوتلميت، مع انتماء آخر إلى مقاطعة الركيز، وبوصوله إلى الأمانة العامة، يعوض منصب "أمانة عامة" كانت ممنوحة لمجتمعه القبلي، كما أنه يصبح أكثر قربا من صديقه وزير الداخلية، إلا أنه مثل عدد كبير من الولاة بات على شفا التقاعد، حيث تفصله عنه عدة أشهر.
وفي المقابل منحت الدولة ولاية لعصابة للأمين العام السابق لوزارة العمل الاجتماعي السيد أحمدو ولد عداهي ولد أخطيره، وهو أستاذ جامعي وزعيم مجموعة قبلية في آدرار، ويمكن اعتبار توليته لعصابة إبعادا له عن دوائر التسيير المباشر.
- وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي
الأمين العام: بيت الله أحمد لسود، نفس المنصب سابقا، يواصل عمله في منصبه الذي استقر فيه منذ أربع سنوات تقريبا، وسيكون عنصر التوازن الأساسي في الوزارة بعد أن تولاها خبير في مجال الصيد البحري.
أدار بيت الله والوزير السابق الداه ولد أعمر طالب علاقة نوعية، مكنتهما من توزيع عدد لا ينتهي من عقود المحاظر والاكتتاب لصالح مقربين من أحلافهما السياسية.
ربما يضاف لسيرته الذاتية مصاهرته لبعض الأوساط الاجتماعية القوية.
- وزارة الاقتصاد والمالية
الأمين العام: يعقوب احمد عيشه، أمين عام وزارة الاقتصاد والتنمية المستدامة سابقا، يحافظ أيضا على منصبه وهو محسوب على حلف قائد الدرك السيد عبد الله ولد أحمد عيشه
- وزارة التربية وإصلاح النظام التعليمي
الأمين العام: يحي ولد الطالب، مهندس متخصص في التعليم الإلكتروني، لا يتمتع هذا الأستاذ المتمكن في مادة الفيزياء من الصفة التي منحها له مجلس الوزراء، فليس متخصصا في التعليم الإلكتروني، كما أنه ليس مهندسا.
ويعتبر ولد بوب من عقول مادة الفيزياء في موريتانيا، كما أنه من كبار المستثمرين في مجال التعليم الحر من خلال مدرستي النصر والمعارف التي حملت لفترة طويلة اسم معارف يحيى.
بتعيينه يتم تقاسم المنصبين الكبيرين في وزارة التربية بين ولاية تكانت، حيث يعمل الوزير تحت إمرة تلميذته السابقة، التي يتوقع أن تستفيد من عطلة الأمومة في القريب العاجل.
- وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
الأمين العام: أنوي الشيخ، إداري من السلك المالي، أمين عام وزارة التجهيز والنقل سابقا، أحد الشخصيات السياسية الأساسية في مقاطعة امبود، وسبق أن استقبله الرئيس الغزواني في مكتبه قبل سنتين، وكلفه بإدارة عمل سياسي نوعي في المقاطعة، إلا أن جهوده لم تأت بعمل فارق كبير.
- وزارة الصحة:
الأمينة العامة: العالية منكوس، الأمينة العامة لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج سابقا.
تولت مناصب متعددة منذ عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، وهي المتحدث باسم مجتمعها القبلي المتمثل في بلدية لكران، وتعتبر وجها سياسيا تحافظ الأنظمة على تمثيله دائما
- وزارة الوظيفة العمومية والعمل:
الأمين العام: البكاي ولد عبد القادر، مدير ديوان الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج سابقا.
برلماني سابق ينتمي إلى مقاطعة النعمة، وهو من حيث السن على شفا التقاعد أيضا، إلا أنه يمثل أيضا مجموعة قبلية ظلت الأنظمة المتعاقبة محافظة على مستوى من تمثيلها.
- وزارة التحول الرقمي وعصرنة الإدارة
الأمين العام: خالد عابدين سيدي، مدير التخطيط والتنسيق ومتابعة البرامج والاحصائيات بوزارة البيئة سابقا، قيادي سابق في حزب الحراك الشبابي، وأحد الشخصيات السياسية الأساسية في وادان، ويأتي حضوره تمثيلا لمجموعة قبلية كبيرة موزعة بين ولايات لعصابة، وآدرار، واترارزة
- وزارة الطاقة والنفط
الأمين العام: عالي سيلي سومارى، أمين عام وزارة التحول الرقمي والابتكار وعصرنة الإدارة سابقا.
ينتمي إلى مجموعة السوننكي، وقد تنقل بين عدة أمانات عامة، ويعتبر من الشخصيات التي تتنقل بين الأمانات العامة، رغم ما يميز أداءه وفق العارفسن به من ضعف شديد في السلاسة، وتعقيد في الإجراءات، زيادة على علاقة حميمية جدا بالموردين.
- وزارة المعادن والصناعة
الأمين العام: أحمد سالم ولد لمرابط ولد بوهده، أمين عام وزارة النفط والمعادن والطاقة سابقا، إطار سابق بالبنك المركزي، وفدرالي الحزب الحاكم في اينشير.
تنقل منذ فترة بين عدة أمانات عامة، من وزارة الصحة فوزارة التجارة التي اصطدم فيها بالوزير السابق لمرابط بناهي وفق بعض العارفين به، وهو أيضا زعيم قبلي في منطقة انشيري، ويمثل تعيينه مراعاة للتوازن السياسي في المنطقة
- وزارة الصيد والبنى التحتية البحرية والمينائية
الأمين العام: سيدي عالي ولد بوبكر، أمين عام وزارة الصيد والاقتصاد البحري سابقا: تم تثبيته في منصبه، بعد تغيير هيكلة الوزارة وتوسيع صلاحياتها، وهو مثل سابقه الرئيس العام لمجموعة قبلية واسعة الانتشار وخصوصا في الحوض الغربي
- وزارة الزراعة والسيادة الغذائية
الأمين العام: أحمد سالم العربي، نفس المنصب سابقا : يعتبر ولد العربي ولد النهاه أحد الشخصيات المرموقة في مجموعته القبلية، إضافة لكونه قائد حلف سياسي في مقاطعة كيفة، ويبدو أن استوزاره الذي كان متوقعا حال دونه تعيين ابن مجموعته القبلية الحسين ولد مدو وزيرا للثقافة.
- وزارة للإسكان والعمران والاستصلاح الترابي
الأمين العام: احمد سالم بوخريص، أمين عام وزارة التشغيل والتكوين المهني سابقا ابن أخ القائد الأسبق لأركان الجيش الموريتاني الجنرال مولاي ولد بوخريص، وهو مثل سابقيه أيضا ممثل مجموعة قبلية معتبرة في منقطة تيرس الزمور.
- وزارة العقارات وأملاك الدولة والإصلاح العقاري
الأمين العام: محمد محمود حمادي، مكلف بمهمة بوزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي سابقا، وهو نجل المرحوم حمادي ولد ولد حمادي أحد الوجهاء التقليديين بالحوض الشرقي، ومن أبرزأبناء الشيوخ التقليديين على تعبير أحدهم.
- وزارة التجهيز والنقل
الأمينة العامة: امعيزيزة كربالي، الأمينة العامة لوزارة الثقافة والشباب والرياضة سابقا: شقيقة رجل الأعمال محمد ولد كربالي وهو قائدة حلف سياسي قوي في بعض مقاطعات العاصمة.
تقول بعض المصادر إن علاقاتها ظلت متوترة مع كثير من الوزراء الذين مروا على الوزارة، وربما هاجمها بعضهم في مجالسه الخاصة.
غير أن إعادة الثقة فيها يستبطن سؤالا عن الهدف من تعيينها، وعن ماذا قدمت طيلة تنقلها بين المناصب العليا في الوزارات.
- وزارة المياه والصرف الصحي
الأمين العام: مختار حندي، أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي سابقا: أمين عام سابقا ووال سابقا، وأستاذ للأدب الإنكليزي، مقرب من الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية مولاي ولد محمد الأغظف، وتقول بعض المصادر إن له أياد متعددة عليه، وقد مكنه من الخروج من مأزق شديد مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
- وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة
الأمين العام: حمودي شيخنا عالي، إداري من السلك المالي: أمين عام سابق لوزارة الشؤون الإسلامية، أقيل إثر خلاف شديد مع وزيرها السابق الداه ولد أعمر طالب، حيث يتهم أنصار ولد شيخنا الوزير الداه، بالسعي إلى إقرار ممارسات تسييرية لا يجيزها القانون، معتبرين أن شيخنا ولد حمودي وقف في وجه تلك الممارسات، ودفع ثمن ذلك بإقالته من الأمانة العامة ليعيش حالة بطالة طيلة 4 سنوات تقريبا.
يتولى الأمانة العامة لوزارة الطفولة وسط أحاديث عن عمق ممارسات الفساد داخل تلك الوزارة، وإذا صح ذلك فهل سيتأقلم معها أم سيرفسها فيقال من منصبه الجديد وربما يبقى في مرآب الموظفين بلا وظائف.
- وزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان
الأمين العام: سيدي محمد جدو، المدير الإداري والمالي بوزارة التعليم العالي سابقا.
يعتبر ولد أحمد جدو من العارفين بوزارة الثقافة وبموظفيها وروادها، خلال الفترة الطويلة التي قضاها المدير الإداري والمالي بوزارة الثقافة، وها هو اليوم يعود إليها بصفته أمينا عاما.
ينتمي ولد محمد جدو لنفس الآصرة الاجتماعية لرئيس الجمهورية، ولا يمكن أن يخرج تعيينه عن سياق التوازنات وتعيينات الاعتبار.
- وزارة البيئة والتنمية المستدامة
الأمين العام: مولاي إبراهيم ولد مولاي إبراهيم، أمين عام وزارة الوظيفة العمومية والعمل سابقا، وال سابقا وأمين عام سابقا لوزارة التعليم، وشخصية قبلية ذات وزن اجتماعي، يعرف عنه بناء المساجد في جميع الولايات التي مر بها.
‐ المدير العام للميزانية: احمد ولد آب، المدير العام المساعد لنفس المديرية سابقا، رئيس مجموعة قبلية في ولاية اترارزة، تشترك مع وزير الداخلية في علاقات قرابة وطيدة، ومع وصول وزير الداخلية إلى منصبه، بات ولد آبه أحد عناصر السياسية الأكثر أهمية في ولاية اترارزة، حيث تم انتخابه نائبا عن مقاطعة انيتكان، ما أثار حينها لغطا عن إمكانية الجمع بين العمل التنفيذي والعمل التشريعي والرقابي.
إن صعوبة توفية هؤلاء المسؤولين حقهم من الثناء أو القدح ترجع في الأساس إلى ضعف المؤسسات المسؤولة عن التفتيش وإصدار التقارير التي تعطي صورة صادقة عن وضع الوزارات والقطاعات الحكومية، مما يجعلنا نمتهن التخريص في حكمنا على الأشخاص والمسؤولين بطريقة لا تقطع الشك باليقين، ما يفتح باب التنجيم و التخريص، وضرب الأسداس بالأخماس.
لكن يمكن اعتبار إعادة الثقة في بعض المسؤولين محل استغراب، لأنهم في الواقع لم يضيفوا شيئا ملموسا طيلة فترة توليهم لبعض القطاعات الوزارية، كما هو حال امعيزيزة، وبيت الله، وولد عيده.
لم تقدم الحكومة أو تنشر ما يثبت تعافي بعض الوزارات وإقلاع مسؤوليها عن الفساد، خاصة أن محكمة الحسابات نشرت في تقريرها عن السنوات (19-20-2021) ممارسات فساد خطيرة في وزارات الطفولة والبيئة، بطريقة لايمكن السكوت عنها أو تجاهلها.
ولعل من الإشارات المقلقة إعادة الاعتبار لبغض المسؤولين عن التسيير في تلك الوزارات، ما يمثل إشارة بالغة الخطورة ربما يفهمها البعض أن إقالته في الأصل بسبب الاحراج ورفعا له لا غير.
وبطبيعة الحالة كان من المتوقع أن تطهر تلك الوزارات من العناصر التي يثبت خرقها لمبادئ الشفافية.
يولي المواطن أهمية قصوى لوصايا ولد الغزواني للأمناء العامين للوزارات، لكن البعض لا يتوقع ثورة في اتجاه حسن التسيير، ولا أن تتجاوز الأمور مكانها الذي ظلت فيه، مالم يأخذ الرئيس الأمر بحزم ويواجه أهل الفساد بالحراب والنبال والتشويه والسجن.
ها نحن اليوم نعيش في الظلام الدامس والعطش وارتفاعا غير مسبوق في الأسعار، في مقابل ذلك جمود في الرواتب.
كل ذلك مع محسوبية لامتناهية في التوظيف وفي منح المقاولات، من القليل إلى الكثير، دون بصيص أمل في التغيير.
ولئن كان تعيين ولد اجاي خرق التوازنات ، فيمكن اعتبار التعيينات الأخيرة أحيت تلك التوازنات، بشكل واضح.
كما عصفت التعيينات بنظرية تمكين الشباب، الذي رفعه رئيس الجمهورية خلال حملته الأخيرة، وإن كان التمكين الحقيقي للشباب هو التعليم الجيد والتوظيف المناسب و التطوير والتكوين المستمر والتدرج في سلم الترقيات لمن يستحق حتى يختتم مشواره المهني بمنصب الوزارة، وأن غير ذلك يعتبر حرقا للمراحل.
الأكيد أن جانب التمثيل قبلي حضر في التعيينات بشكل قوي يرى بالعين المجردة.
وعصف كذلك بمحاربة الفساد.
خلافا لما يراه البعض من أن التعيينات زاوجت بين الخبرة والشباب، فإن كثيرا من التعيينات خرمت هذه القاعدة ولنعط مثالا بالأمين العام لوزارة التربية، فلايمكن فهم تعيينه في إطار تلك القاعدة، إذ لم يتبوأ أي منصب من قبل وهاهو يتولى تسيير الوزارة الأكثر حساسية ومشاكل ومسؤوليات، على بعد أسابيع معدودة من الافتتاح الدراسي، وقريبا تغيب عنه الوزيرة الشابة في راحة الأمومة والطفولة.
لقد كان من المفترض أن تمارس المزاوجة في هذه الوزارة، بين حيوية الشباب وخبرة الكهول، فالوزارة بطريقتها الحالية لايمكن أن تستمر.
لقد عاشت الوزارة في المأمورية الأولى على وقع 5 وزاراء- أحدهم سكنها لمدة 21 يوما- لم يتمكنوا من أداء مهامهم بسبب قصر الفترة، وكان من المفترض في ظل تعهد رئيس الجمهورية بالاستفادة من أخطاء الأمورية الأولى، أن يختار للوزارة أمينا عاما مجربا في التسيير والخبرة، وهوما غاب في تعيينات وزارة التربية، وربما نخسر الإصلاح بسبب غياب المزاوجة بين الخبرة والتجربة من جهة وحيوية الشباب.
عن/ موقع الفكر