ان مهمة السفير جد صعبة وليس كما يتصور البعض انها مجرد وظيفة علاقات عامة وتلبية دعوات وزيارات او حضور مناسبات والتمتع بمزايا وتسهيلات عدة.
السفارة من اعقد واصعب الوظائف لانها ترتبط بمهمة الدبلوماسية التمثيل والتفاوض نيابة عن البلد.
كان لي صديق سفيرا مميزا ومؤهلا تاهيلا علميا عاليا فهو تحصل على الماجستير من جامعة هرفارد والدكتوراة في العلاقات الدولية من جامعة كامبردج وامتلك رصيدا من الخبرة والممارسة ليس اقلها انه اعتمد سفيرا لبلده في كندا ومع ذلك فشل في مهمته وعندما سالته يوما عن السبب اجابني لقد كنت سفيرا ناجحا وخذلني الصبر!!
نعم مع توفر متطلبات التاهيل واللغة الأجنبية والممارسة على السفير ان يتحلى بالصبر ورباطة الجأش في المواقف المختلفة. يذكر احد سفراء السودان الذي ذهب لتقديم اوراق اعتماده إلى امبراطور اثيوبيا هيلا سيلاسي في القصر الامبراطوري واستقبلني مدير التشريفات واجلسني في بهو الانتظار ثم انسحب وفي هذه الاثناء كنت وحيدا واذا بدخول أسد كبير الحجم إلى البهو واخذ يقترب مني شيئا ثم شيئا وانا تسمرت في مقعدي ونشف دمي وبدات بقراءة الشهادة فماذا عساني ان افعل في هذا الموقف المفاجيء هل اصرخ وعلى بعد أمتار ينتظرني الامبراطور حنى عاد مدير التشريفات ونهر الاسد المدرب يبدو جيدا وخرج فطلبت قدحا من الماء ثم ادخلت على الامبراطور لتسليم اوراق اعتمادي وكان مبتسما ويبدو انها كانت لعبته المفضلة ويرى المشهد عبر زجاج مضلل فهمس لي كنت شجاعا وصبورا سعادة السفير.!!
يقول الراحل الشيخ جميل الحجيلان السفير السعودي السابق لدى فرنسا اذا اتقنت فن الحوار فانت اجتزت ثلثي النجاح في السفارة.
مؤكد ان فن الحوار ومتى تتكلم ومتى تنصت مهارة ايضا ويقول استاذنا في جامعة بنسلفانيا برفسور تيري رامسي على الدبلوماسي الناجح ان يتكلم كثيرا ولا يقول الا القليل!!
صحيح هذا لان كلمات السفير تسمع وتدقق وتحلل من طرف مسؤولي الدولة المستضيفة.
والسفير لانه يمثل رئيس الدولة بصفته فانه على تماس مباشر مع وزارة خارجيته يتلقى منها التعليمات واحيانا تاتيه تعليمات مباشرة وفورية من الملك او الرئيس خصوصا في تطورات عاجلة وطارئة.
ذكر لي السفير العراقي السابق لدى تركيا طه الجبوري بانه خلال الحرب العراقية الايرانية وبينما كان رئيس وزراء تركيا ائنذاك توركوت اوزال يقوم بزيارة إلى طهران وهو موقف استفز العراق ولكن بعيد منتصف الليل رن هاتف منزلي طويلا فاستيقضت لعل امرا هاما واذا وكيل الخارجية التركية يقول لي بحزم سعادة السفير ارتدي ملابسك فورا وتعال للخارجية الان السيد الوزير هنا ينتظرك لامرا خطير!!
بقلم
ا.د كريم فرمان