![](https://eljewahir.com/sites/default/files/styles/large/public/field/image/20b721d7bb3b34131d8c0325cbde7a27.jpg?itok=eMMqCHy-)
__وجدتها__
عملت ثلاث مسابقات لوظيفة مفتش تعليم كل منها أُحضِّر بكثافة و أساعد زملاء معلمين يجدون صعوبة كبيرة في الفهم و التحرير
و في كل مرة يتفوق تلامذتي و يتجاوزون إلى المدرسة العليا للتعليم
أما أنا فلا أجد حتى خبرا عن نتيجة عملي
كانوا يقولون إن السبب هو ارتشاء المصححين و زبونيتهم
أمس فقط في حديث عابر مع رجل غاية في الذكاء و المثابرة شكا من أنه درس في بلد مشرقي و احتاج لسبع سنوات حتى يأخذ الماجستير تقديرا لجهل الأساتذة المحاضرين في الجامعة و قال إنه كرس كل دخله و وقته و اهتمامه للكتب و المراجع العلمية المحكمة لكنه لم يحظ يوما بملاحظة ممتاز و كان الأساتذة يعاملونه ببرودة
لم يجد عناء في فهم السبب و هو أن الأساتذة ما كانوا يكرهونه و لا يريدون التنقيص من حصيلته فقط ما كانوا يفهمون ما يكتبه لهم و لا يجدون سبيلا إلى معرفة مستوى تحصيله لأنه لم يُعِدْ لهم التفاهات التي يملأون بها رؤوس و وقت الطلاب ..
كان مصححو مسابقة المفتشين في الغالب - عفا الله عنهم - شيوخا تقليديين لا صلة لهم ببحوث علم النفس و علوم التربية و لا معرفة لأغلبهم بقواعد اللغة و تحليل نصوص الأدب
فلم يكونوا أصلا يتورطون في تصحيح مقالات مكتنزة بأفكار فلاسفة التربية و علماء النفس يدبجها بعناية فائقة كاتب مطبوع يقرأ بنهم ..
و ليس عندهم أصلا الكفاية و لا الكفاءة لتفكيك تماسك بناء هذه المقالات و لا فهم التعالق المنهجي فيها بين النظرية العامة و مشكلات الميدان
كنت أعتقد أنني مظلوم و بقي في نفسي شيء من أولئك المصححين الظالمين أنفسهم الذين يعطون نتائج عملي لأقربائهم و معارفهم
اليوم عرفت أنهم هم المظلومون المستحقون الشفقة من عدة وجوه ...
هذا لا يلغي تفاهة بعض أولئك المساكين و ضمور حيائهم ففي إحدى المسابقات المذكورة تم إقصاء 50 معلما لأنهم لم يحصلوا على أكثر من 4 درجات في مادة الرياضيات و علقت لائحة إقصائهم على حائط اللَّنَسْ
لكنهم فاجأونا بالفوز بالرتب الأولى في لائحة المقبولين و كان أكثرهم من عمال مكاتب الوزارة التي يرأس مسؤول فيها لجنة التقويم (التقييم) !
و في المسابقة الثانية شارك معي صديق لي اعتدنا التلاقي كل ليلة في أحد المنازل و في نهاية المسابقة حضر مساء بدون سيارته ال504 فلما سألته عنها أسر إليَّ بأنه دفعها لمسؤول الوزارة مشرف لجنة التقييم
و في الثالثة و كانت أولى تجربة لي
سمعت أحد المصححين يبشر أحد من اعتمدوا عليَّ بفوزه بالرتبة الأولى ثم استرق نظرة إليَّ و قال " غريب عندي الا قلة نجاح ولد امني" متظاهرا بأنه لم يعرفني رغم أني كنت أبرز المعلمين في إدارته الجهوية و كنت مضرب المثل عنده فيها و لم يكن مضى على ذلك غير ثلاث أو أربع سنين .
الصحفي الكبير محمدالأمين مني