هو محمد ول امسيكة، ولد سنة 1908 وقتل سنة 1950 وهو رجل ينحدر من أسرة من أهل أشفغ الخطاط نسبا،ومن أهل باركلّ خؤولة وعصبا وسكنا،مارس ول امسيكه الرعي في صغره وعمل أجيرا لدى “هليبة” الهاليبولار الفلان فأكلوا ماله واضهدوه، وفي ثلاثينيات القرن إفتتح الفرنسيون شركة شق الطرق المسماة عند العامة ب”شركة صمبطلي” التى كانت تنشأ الطريق القديم المسمى” بالمير” الذى يربط بين لكَوارب “روصو”و انواكشوط ،إلحتق بها ول امسيكه عند تكند القديمة وعمل بها حمالا “منيفر” ،فاطلع على مدى ظلم”النصارى” المستعمرالفرنسي”” واستغلاله وقساوة وظلم أعوانه “كَومياتْ”
تشكل فى لاوعيه كره للثلاثى “:
هليبة افلان-المستعمر” النصارى”-الاعوان “كوميات”
كان حسن الصوت وكان مدّاحا للرسول صلى الله عليه وسلم وكان يحسن الضرب على الطبل ،ويغني المديح من “زرتْ إدخيلَ” إلى”النبي زين وفالح”
في الوقت نفسه كان فارسا من الطراز الأول، قوي الشكيمة قوي ،البنية شاكي السلاح مقداما وكان مكسور الثنية اليُمنى لكنه كان ساحر الابتسامة،وكان جوادا كريما دمث الخلق تتوفر لديه دائما في” تاسفرته” ثلاثة أشياء:”لوُدكْ”-“التمر”-“التيشطار”إضافة ل “إدَّكْميرَ”من المفتول الشاي وبعض السكر
يتأبط بندقية”خماسية”ويعلق سكينا مرصعا بالفضة والنحاس فى غمد من الجلد المدبوغ معلق في نطاقه
كان يمتلك قدرة فائقة على التخفي والإنتقال،وكانت مناطق إنتقاله سهول شمامه والصطارة وتكند وبوتلميت و”لكديه” ألاك، و”دبَّانكَو” بوغى، ولخريزَ، وأَكَانْ،وكيمِ، ومنكَل،شكَار ومقطع لحجار، أي بين ثلاث ولايات تقريبا من الوطن -اترارزه و لبراكنه -وغوركَل
كان يقتل الفرنسيين وكوميات ويمعنُ في تعذيب “افلان”دون أن يقتلهم كان يعترض نسائهم وهم يحملن اللبن “التمبي”،وهم معروفون بحب اللبن فيقول شقوق أرض شمامه الجافة أحق بلبنكم ويريقه،وهن يتباكين ،وإن ظفر برجالهم يضربهم ضربا مبرحا،
،بعد أن أوجعت ضرباته الفرنسيين وأعوانهم من كَوميات جعله الفرنسيون أول مطلوب لديهم ورصدو جائزة لمن يلقي عليه القبض،لكنه كان يفلت من أي محاولة ويقال إنه لم يطلبه أحد إلا وبات معه دون أن يعرفه،من أشهر من طلبه رجل من أهل شكَار يسمى “عَبَيْدْ” جدَّ الرجل في الطلب وقال :مسألة القبض على ول امسيكه مسألة وقت،جاءه ول امسيكه فى الليل “قطع ألسنة حيرانه وبزازيلَ نياقه”ووضع سكينه ورصاصتان من خماسيته عند رأس “عبيد” وذهب استيقظ الرجل هاله مارأى وعرف أن ول امسيكه مر من هنا ، ،وذات ليلة ذكر أحد المخبرين وجود ول امسيكه فى ألاكَ بعث الفرنسيون جماعة من “كَوميات يبحثون عنه لجلبه وصادف أن أحيى الفنان “لعور”ول انكَذي حفلة فى ألاكَ حضرت الحفل جماعة “كوميات” وكان ول امسيكه هو المشرف علي ضرب الطبل فى الحفل دون أن يعرفه أحد ،وعند ما انتهى الحفل وهدأ الليل لعلل الرصاص قتل كوميات وما راعَ الأعور إلا الرجل الذى كان يغمز الطبل قبل ساعات يمسك خماسيته ويهدأ من روعه وعرف أنه ول امسيكه،وتمضي الأيام وتشتد ضربات ول امسيكه للفرنسيين وأعوانهم ضراوة ،فيستقدم الفرنسيون رجلا سينغاليا معروفا بمهارته في تعب القراصنة يسمى “موسى بيدي” ،وكانت فى بوتلميت اسرة معروفة تزود ول امسيكه بالمؤونة وتتستر عليه وكان كلما جائها أخبر عنه أحد المخبرين ،وذات يوم أخبروا عن وجود ول امسيكه في بوتلميت جاء السينغالي موسى بيدي إلى بوتلميت وبدأ مهمة البحث كان يلبس بزة ويعلق بندقية ولما خرج باحثا تلقاه ول امسيكه وأخبره أنه يعرف مكان وجود ول امسيكه وقال اتبعني لما انتحى به جانبا امسك بتلابيه وخلع ثيابه وأخذ سلاحه وأخذ جمله وجلبه إلى بوتلميت وكان الوقت ضحى وكان وقت الذروة في المدينة أرغمه على النزول عاريا من مرتفع كثيب “تَعْبَه” الشهير فما راع ساكنة بوتلميت إلا موسى بيدي ينزل مقيد اليدين عاريا من علا الكثيب
دوخ ول امسيكه المستعمر وأعوانه
من جرّب الكي لاينسى مواجعـه**ومن رأى السم لايشقى كمن شربا
كان الفرنسيون يرغمون الأهالي على العمل والحفر كانت شركة”صمبطلي” ورشة كبيرة لأعمال السخرة وكان كل بالغ يرغم على العمل وبدون أجر وإذا نزل المطر تتحول تلك المعاناة السيزيفية من الحفر إلى الردم لتتمكن سيارات شركة النقل الفرنسية لاكومب “Lacombe “من العبور ،كذلك قرر الفرنسيو مد أعمدة الإتصال السلكي من سين لويس “اندر إلى بوتلميت مرورا بروصو والمذرذره ،ومن المجرية إلى تجكجة وبالطبع كان الأهالي هم المسخرون فى عملية مد تلك الآعمدة التى ستوصل بأسلاك الإتصال “وتسمى عملية الإتصال “تحريك السلك” فيقال حركو السلك،وكان الأهالي يُخفون أبنائهم خوفا عليهم من أعمال السخرة الصعبة في حمارة القيظ وصبارة القر، وكانوا يعذبون عند العثور عليهم .
كانت طلبات” كوميات” أوامر فعندما يصل أحدهم يقول “البن إيجِ الحم إيجِ أتايْ إيجِ” وبالتالي على اللبن أن يأتى بمجرد النطق بذلك الأمر الموجه للمجهول و كذلك اللحم والشاي ، سواء كان المٌضيف فقيرا أوغنيا فعليه أن يوفر الطلبات وبأسرع وقت،وحتى ولو كانت شاة لأمرأة فقيرة تُعيل أيتاما، كذلك الضرائب والمكوس “العُشرات”التى أثقلت كواهل الملاك البسطاء،لم تتحمل نفس ول امسيكه الأبية ذلك الحيف ،فحولته تلك المظالم إلى مجاهد يرفع الظلم ويقول وهو يسامُ الضيم :لا بملئ فيه .
دوخ ول امسيكه المستعمر وأعوانه كما أسلفنا،وكان ينفذ عملية فى ألاك وبعد يوم ينفذ أخرى في أكَان ،وفى روصو،تقول الميتولوجيا الشعبية إن لديه “حكمة الإختفاء” مما يُحكى أن الحاكم الفرنسي “كوماندَ سركل”كان يتجول على تخوم ألاك ومعه بعض أعوانه ومعهم ول امسيكه فبيناهم إذ لاح غزال منية المشتهي كالبرق في تلك التيهاء قال الحاكم تمنيت لو أصيد ذلك الغزال خرط ول امسيكه رصاصةمن خماسيته وبسرعة البرق خر الغزال صريعادون أن يُصاب فى مقتل هرع إليه ول امسيكه وحمله إلى الحاكم ،إنبهر الحاكم من سرعته ودقة تسديده قال :أنا عاجز عن شكرك من أنت قال أنا محمد ول امسيكه قال انت المطلوب الفار من العدالة ،أعاهدك أن أكف عن طلبك مادمت حاكما في ألاك فمثلك من الرجال لايطلب،ودعه وافترقا.
جُرح ول امسيكه ذات مرة فى إحدى غاراته فى دبانكَو”بوغى” أُسِرَ ونُقِل تحت حراسة مشددة إلى ألاكَ استقبل في ألاك استقبال الأبطال بالطبول والزغاريد ،أدخل على الحاكم وكان رائدا جديدا حل محل القديم وقام بينهما الترجمان “أملاز”قال له يقول لك الحاكم إنك ستسجن هنا في ألاك حتى تتم محاكمتك عن جرائمك ،ونحن على أبواب فصل الخريف وألاك في الخريف شديد الحرارة والرطوبة كثير البعوض، ضحك ول امسيكه وقال :كَول ذاك إلْحَدْ إمْخرَّفْ هونْ”وسارت مثلا ،وعند حلول الظلام كسر باب السجن “َكصُو”وهرب ،لم يداهن ول امسكيه المستعمر ولا أعوانه يوما من الأيام وازدادت ضرباته ضراوة ،فضاعف الفرنسيون الجائزة المرصودة للقبض عليه فأصبحت مغرية ،في صيف 1950 وكان الوقت ضحى كان ول امسيكه يُعدُّ الشاي تحت شجرة بين منطقة لخريْزَ وكَِيمِ رأى رجلين قادمين امتشق خماسيته واستعد وصل الرجلان كانا صديقين قديمين يعرفهما فى بوتلميت قال أنا لا أثق في أحد فما خطبكما قالا حاشا لله لن تستطيع مهما بلغت بك الشكوك أن تشك فى صديقيك “سَامْ”و”عبداتْ”إطمأ ن لكلامهما وقد آتوه موثقا من الله وقام كعادته مع ضيوفه يُعد القرى علق خماسيته على الشجرة واعد الشاي وقام ليشوي اللحم كانت الجائزة مغرية ومارَ رأس عبدات من إغرائها وتبادل مع سام النظرات وكان ول امسيكه على بُعد أمتار يعد اللحم قفز عبدات إلى خماسية ول امسيكه المعلقة على الشجرة لعلع الرصاص سقط ول امسيكه شهيدا وسالت دماء الغدر ،قطعا رأسه وحملاه إلى الحاكم الفرنسي في ألاك،ثارت ثائرته واستشاط غضبا وأمر بسجنهما بعد أن وبخهما أنا أريد ول امسيكه حيا ،ول امسيكه مطلوب في باريس ،لوكنا نريد قتله لقتلناه لكننا نريده حيا ورصدنا الجائزة لعلمنا بصعوبة إعتقاله ظل الحاكم يرغي ويزبد،وأودع القاتلان السجن ،شهدت البلاد صيفا قائظا عصفت بالناس ريح سموم قاتلة عرفت ب”إيريفية ول امسيكه “صيف سنة 1950 دفن فى ألاكَ في مقبرة معروفة كانت معدة لدفن الأطفال .
رآه أحد أصدقائه في المنام بعد إستشهاده فحمله كافا من الشعر الحساني:
كَُولْ إلْسامْ أُكٌَولْ إلعَبْدات**ْوالكَوْمْ إلِّ كَبْظُـو بيْـدِ
عنْ يومْ الدِّنْيَ راهُو فات**ْنَلْكَاهـمْ يـومَ الوَعيـدِ
ماتَ سامْ وظل عبداتْ حيا حتى عهد قريب نهاية الثمانينات وتعرفه الناس شيخا خرِفا مصابا بداء الإرتعاش يعلق بندقية ويكلم نفسه.