يوسف..الشاب الموريتاني الذي قتلَ أمه ومات(قصة مؤلمة)

خميس, 28/05/2020 - 22:02

هذه القصة حقيقية وقعت أحداثها في موريتانيا في نهاية سبعينيات القرن الماضي , وما يزال الكثيرون من مَن عاشوا أحداثها أحياء يرزقون...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان يوسف ولدا مدللا منذ الصغر....تضافرت عوامل عديدة جعلته كذلك....
تعرض لأمراض قاتلة قبل بلوغه سن الفطام..."بوحيمرون..تَشاكَـه..اصفار"...
تُوفي والده وهو في الخامسة عندما غدر به اللصوص في متجره الصغير بالسنغال...
كان يعتقد أن أباه سيعود...يسأل عنه في كل مرة يحس بالحاجة إليه....كل عيد....كل مرض...عندما يري الأطفال يجلسون في أحضان آبائهم.
"يبّ" سافر إلى الجنة.....كلمة اعتاد سماعها من أمه..
الجنة مدينة جميلة ..بعيدة.. تستغرق العودة منها زمنا طويلا...هكذا كان تصوره وبحاله المحدود..لكنه متأكد في النهاية بأن "يب" سيعود..
يوسف وأخته هما ما تبقى لأمهما في هذه الدنيا ...كانت لا تفارقه لحظة...تخشى عليه من نسمة الهواء العليل...وفي الأوقات التي كان يذهب فيها لمحظرة "الشيخ محمد سالم" ــ غير البعيدة ــ كانت تنتظره بلهفة ممزوجة بقلق وترقب...كان قلبها دائم الخوف من شيء ما...تحسه لكنها لا تعرفه...
صديقه وابن خالته ورفيقه في المحظرة عُمَر.. يلازمه كظله...يحضران معاً...يغادران معا....وفي الطريق ربما جلسا تحت شجرة وارفة الظلال...يغرقان في أحلامها الطفولية البريئة...أو يُطاردان الفراشات الملونة أحيانا...وربما يتسابقان على الحمير ..يحسبان نفسيهما فارسين مقاتلين..إنهما الآن في العاشرة من العمر...
ذات عودة مسائية من المحظرة سقط يوسف سقطة قوية ...رفسه الحمار بكلتا رجليه الخلفيتين على رأسه..أغمي عليه...حُمل إلى أمه...لم يبقَ طبيب ولا "حجَّاب" في "لفريكَـ" إلا وحضرْ...وأَسْقى الدواء وقرأ وبَخَّرْ...فجأة توقفت أنفاسه...هدأت حركته...يا لَله ...يا لَقلب المسكينة!! كارثة...مصيبة عظيمة...صرخت أمه...خلعت ملابسها...أُغمِي عليها...
غَسّلوه ...كفّنوه ...حفروا قبره ...
قبل أن ينطلقوا به إلى مثواه الأخير حرّك يده....لم يمت بعد...نَفَسٌ ثقيلٌ بطيءٌ خافت...يكاد لا يُسمع....يا إلهي...صاح أحد الرجال...إنه حيٌّ...نعم ما زال حيا...شهقت أمه ...أسرعت تتعثَّر في ملابسها....تقوم ثم تسقط...احتضنته..قبّلتهُ في كل ذرة من جسمه...أفاق متثاقلا...لم يدرِ ما حصل...فتحَ عينيه ببطء...رسمَ على محيَّاهُ نصف ابتسامة صفراء شفَقَةً ورحمة بأمه...تحسَّس الملابس الضيقة التي ألبسوه...ريح العطر التي بها عطَّروه...دموع مَن حولَه...وجهُ أخته المبتسم في حزنٍ.....كل ذلك أوحى له بأن خطْباً جَلَلاً قد وقع....
................................
يتبع أن شاء الله

  

         

بحث