يُحكى أنه كان لأحد الفقراء ثلاث بنات ماتت والدتهن وكُن يقمن بغزل القطن ، فيذهب به ويبيع في السوق كلما يغزلنه ، ويشتري من ثمنه قطناً جديداً ، وينفق الباقي في شراء طعام لبناته الثلاث ، وكان هذا حاله وحال بناته .
الفقير المحسن والمسكين السائل :
وفي يوم من الأيام ، ذهب الأب الفقير إلى السوق ، فقابله رجل مسكين ، وشكا إليه فقره ، فأشفق عليه كثيراً ، وأعطاه ثمن الغزل كله ، ثم رجع إلى بناته من غير قطن ولا طعام .
فقالت له واحدة منهن : ماذا نصنع الآن يا أبي ، وليس في المنزل شيء ، يستحق أن نبيعه ، لنشتري بثمنه طعاماً وقطناً ، وبعد البحث ، وجدت الفتاة في المنزل طبقاً قديماً ، وجرةً ماء قديمةً أيضا، فأخذهما الأب ، وذهب بهما إلى السوق ليبيعهما ، ويشتري مقابلهما طعاماً وقطناً .
السوق :
ولكن بعد ذهابه إلى السوق ، وجد أن الناس خرجوا من السوق ، ولم يبقَ أحد ، إلا صياد كانت معه سمكة واحدة ، فقال له الصياد : نحن الآن شركاء في الفقر والهم ، فهل تبيعني ما عندك وفي المقابل أبيعك ما عندي ؟ فرضيّ الأب ، وأعطاه الجرة والطبق ، وأخذ منه السمكة ، ثم عاد الأب إلى منزله
.
المفاجأة :
ولما رأت البنات السمكة ، أخذنها لتنظيفها ، فوجدن في بطنها لؤلؤة كبيرة ثمينة ، فسُررن بها سروراً كثيراً ، وأخبرن الأب بذلك ، فقال الأب لهن : إن كانت اللؤلؤة مثقوبة ، فهي ليست لكنَّ يا بناتي الحبيبات ، وإن كانت اللؤلؤة سليمة وغير مثقوبة ، فهي رزق حلال من عند الله قد أرسله إليكن .
اللؤلؤة والتجار :
وفي الصباح الباكر ، ذهب الأب إلى السوق ، وعرض اللؤلؤة على بعض التجار ، فأخبروه بأنها غير مثقوبة ، وأنها سليمة تماماً ، كما أن قيمتها تساوي آلافاً من الدنانير ، ثم قام أحد التجار بشرائها منه ، ففرح الأب كثيراً بالمال الذي رزقه الله ، ثم أخذ المال إلى منزله .
الأب والسائل :
وفي الطريق وقبل أن يصل إلى منزله ، لقِيه سائل مسكين في الطريق ، فقال له : أعطني مما أعطاك الله ، فقال الأب في نفسه : لقد كنت بالأمس فقيرا مثله ، ثم أعطاه نصف المال .
الملاك :
ولكن السائل سرعان ما تغيرت صورته في الحال ، وقال للفقير المحسن : إنني ملاكٌ من السماء ، أرسلني الله لأمتحنك ، فخذ مالَك ، واشكر الله على ما أعطاك .
تغيير الحال :
عاد الأب إلى منزله ، وفرحت بناته بما أعطاه الله لهن ولأبيهن ، وعاشوا بعد ذلك عيشة سعيدة هادئة .
العبرة :
العبرة من القصة أن الله ضمِن الارزاق وتكفل بها ,كما أنه تعالى يحب المحسنين المتصدقين على عباده المساكين ,وقد وعد بإخلاف كل ما نُنفق ,حيث قال :
وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين
وقد ورد في الأثر أن هناك ملكا موكلا بالدعاء للمنفقين يقول : اللهم اعطِ كل منفق خلَفا ,وآخر يدعو على الممسك فيقول : الله أعط كل ممسك تلفا.