دون تكلف ولارياء ولاتحامل
كنت مكتفيا بما كتبته في تدوينتي السابقة من إشارات دون تصريح، ومجملات دون تفصيل، ولكن كتابات عديدة وتعليقات كثيرة دفعتني لهذا الحديث الذي تغلب عليه الصراحة، وأدرك سلفا أنه لن يرضي أبرز الأطراف في هذا السجال الذي يفتقد الروية والتأني والتحقيق:
1 - لا أخفي أنني أختلف مع العلامة الشيخ عبد الله ولد بيه سياسيا - وليس هذا من باب الندية فهو من هو - أختلف معه في تحالفاته وفي تقديراته ذات الصلة بالصراع في فلسطين، وأستغرب أن العدوان على الأمة والإبادة في فلسطين والسياسة الأمريكية العدوانية، لاتحضر لاكليا ولاجزئيا في مداولات ومخرجات مؤتمرات السلم، ولايخفى على أحد أن تهديد السلم بالحروب العدوانية والإبادة الجماعية، داخل دخولا بينا في موضوع السلم والسلام.
وعلى خلاف مواقفه وتحالفاته السياسية، راقت لي وأثرت في أطروحاته العلمية والفكرية ومقارباته الأصولية المبثوثة في كتبه والتي تميزه عن كثيرين من العلماء.
2 - انتقاد التطرف الديني وتجريده من أسلحته وأدلته، مهمة نبيلة وواردة بل ومتعينة، فمخاطر الغلو والتشدد لاتخفى على أحد، وتفكيك منظومته الاستدلالية يخدم إنقاذ أجيال من الشباب المتدين من استسهال التطرف والعنف.
ولكن لكي تكون هذه المهمة ناجحة ولكي ينظر إليها بثقة واطمئنان، يلزم أن يسمع من أهلها نقد وتشنيع على دعاة الميوعة والمتصالحين مع الانحراف والاستلاب، فذلك مقتضى التوازن وشرط الوسطية الصحيحة.
3 - القول إن الشيخ عبد الله ولد بية يدعو إلى خلط الديانات ويبشر بديانة جديدة هي الإبراهيمية، قول لاسند له من مكتوب الرجل ولامنطوقه، وقد استظهر أحد منتقديه بفقرة عن العائلة الإبراهيمية واستشهاده بفقرات من التوراة والإنجيل يدعم بها دعوته للتسامح،
ما طرحه الشيخ عبد الله طرحه بعض العلماء والمفكرين الإسلاميين المعاصرين، وهو الحديث عن حوار الأديان وخصوصية أتباع الديانات ذات الأصل الإبراهيمي، أوالملتقية في إطار الملة الإبراهيمية.
وليس الأمر دعوة لدين خليط جديد، فاتقوا الله فيما تنقلون وفيما تنسبون.
قد يقول قائل إن الشيخ سمع شركاءه وداعميه يتحدثون عن الخلط المذكور، ويتصرفون بما يؤكده ويعززه، وأنه لم ينكر عليهم ولم يصحح لهم، وتلك مسألة أخرى، ونقدها وارد، ولكنها ليست القول بها.
4 - هناك وصاية مبالغ فيها، وحتى أنها لاتمارس على المعنيين بالملاحظات النقدية والموجهة إليهم، بل إنها تمارس على من لم يشارك في الحملة ضد هؤلاء، ولم ينتقدهم بالطريقة المفضلة عند البعض، لا أحد يملك التمثيل الحصري للإسلام، ولا أحد يستطيع احتكار الدفاع عنه وعن ثوابته، فخففوا على الناس قليلا، وإياكم والعجب.
من صفحة محمد جميل منصور على الفيسبوك