لقد قام أحد المستشارين الإعلاميين لدى الرئاسة بإعدام الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني سياسيا وتاريخاً، وكارزميًا، و انتخابيا، بفقرة سجعية غبية, من سِنخ مسلسل الفشل الطويل, عندما أورد الفقرة التي تقول: "مواطني الأعزاء، في سنة 2019 كنت أنتظر الخلود إلى الراحة بعد سنوات من الخدمة العسكرية ، لكن تم استدعائي لخدمة الوطن وأجلت مشارعي الشخصية"ماذا يعني هذا الكلام في التحليل السياسي؟
#أولا: هذا إقرار شخصي من الغزواني نفسه يؤكد أنه كان سينعم بحياة ترفية ماتعة لما يملكه من ثروة هائلة جمعها من خدمته في الجيش والدفاع. المتعارف عليه أن التقاعد لم يكن يوما أمنية ولا مطلبا، ولا يملك المتقاعدون من الجيش الموريتاني أموالا يمكن أن تدفع بأحدهم أن يلقي بمثل هذا التصريح، لأن نظيره في المؤسسة العسكرية الجنرال محمد ولد مگت، عندما تقاعد لم يكتفي بذلك، دخل صراع سياسي واستغلّ السلطة حتى توّج رئيسا للبرلمان رغم جهله بدور البرلمان ودونية مستواه العلمي والسياسي، وكل الجنرلات يسعون لمناصب سياسية بعد تقاعدهم، مالذي يميز الغزواني عن باقي المتقاعدين ليقول أنه كان بمقدوره أن ينعم برغد الحياة؟ التفسير الوحيد أنه صاحب ثروة طائلة.
ثانياً؛ والله إنه من السذاجة بمكان أن يصرّح رئيس دولة حكم البلاد 5 سنوات ويسعى لمأمورية ثانية، لا قدّر الله، أن يقول أنه، كان سيخلد للراحة، لكن دعوة ما أسماه الوطن دفعت به للرئاسة، هذا المنطق يؤكد أنه لا يملك من أمره شيء، مجرد جنرال متقاعد تم استدعائه ليكون "بوًا" فلبى النداء، هذا ما يمكن فهمه وقراءته من هذه الفقرة الهابطة والتي تستوجب الاستقالة لغبائها، رئاسة الجمهورية منصب رفيع وإدارة الدولة مسؤولية مقدسة، لا يتولاها الاشخاص بمجرد النداء من رفقاء بطريقة عشوائية, كمن يذهب إلى إدارة محلّه التجاري أو بيت زوجه، الدول يقودها العقول بعد عرض مشروعا سياسيا شاملا، ينقل النّاس من وضع سيء إلى أحسن، عبر استراتيجية وطنية تشمل المجالات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية والدينية، ولا تقاد الدوّل بمجرد نداء الزّملاء، هذا مؤشر واضح على أنّه الرئيس لا يملك مشروعا وطنيا، وأنه فرض بقوّة النّفوذ والتزوير على الشعب الموريتاني، الدولة لا يتم رئاستها من منطلق نداء من مجموعة، هذا التصريح دليل كافي لإعدام هذا النّظام في الانتخابات الرئاسية وإحداث القطيعة معه وإلى الأبد.
Sultan Elban سلطان البان