وهنا برز لهم فارس شاب حالما شاهدته هبة حتى استنجدت به ليخلصها وقالت :هؤلاء اختطفوني وأنا في طريق عودتي لبيتي وقتلوا مرافقين معي.
ترجل الشاب من على صهوة جواده وأشهر سيفه وطلب من الغجر تحرير الفتاة فضحك الزعيم وقال : وإلا ماذا ؟ ستقاتلنا نحن الاربعة ؟
قال الشاب :نعم .. انا جندي في جيش حاكم البلاد وأنتم مقبوض عليكم بتهمة القتل والاختطاف .
قال أحد الغجر : دعه لي يا زعيم ..
ثم هجم على الشاب فأطاح به الجندي بحركة واحدة فذهل الباقون وهجم عليه اثنان دفعة واحدة فبارزهما الشاب بسيفه حتى أسقطهما مضرجين بدمائهما .. وبقي الزعيم لوحده فارتجفت ساقاه من الخوف فترك هبة وانطلق هاربا يركض ويتعثر حتى غاب عن الانظار ..
قال الشاب : سأعود اليه لاحقا ،أما الآن فيجب ان أعيدك يا سيدتي الى بيتك.
أعجبت هبة جدا بفروسية وأخلاق هذا الفارس النبيل الذي أركبها على فرسها وسارا معا باتجاه البيت .. وفي الطريق أخبرته هبة باسمها واسم ابيها وما جرى معها فوقف الشاب
فجأة ينظر الى هبة بتعجب وقال انت هبة اذن؟ لقد تغيرت حقا ..
استغربت هبة وقالت : من اين تعرفني ايها الفارس الشجاع ؟
انه انا يا هبة .. ابراهيم ابن نهال ..
صدمت هبة لهذه المفاجأة وتمنت ان تكون مفاجأة سارة وأن تستمر كذلك للجميع .. ثم أخبرها ابراهيم بأن اباها حزن جدا لاختفائها الغامض لكنه بخير الآن وأن نهال ما زالت زوجته .. فتمنت هبة في قرارة نفسها ان تكون نهال قد تغيرت كليا نحو الافضل ..
وصل الاثنان الى البيت فتقدم ابراهيم اولا ليهيئ الامور وأخبر اباها بعودة ابنته فلم يصدق بادئ الامر حتى أطلت هبة في الدار حيث كانت متحمسة جدا للقائه وما ان رأته حتى ألقت نفسها بين قدميه فعانقها الاب وغابا عن الدنيا مندمجان في عالم اللقاء بين دموع وآهات ..
وهنا أخرج الاب دمية صغيرة وقال : لقد أحضرت لك دميتك ذات الشعر الذهبي والعينان الخضراوان التي طلبتها ثم واصل الاب كلامه وقد اغرقت دموعُه خديه :
احتفظت لك بها لأني أعلم انك ستعودين يوما ما ..
ضمت هبة أباها الى صدرها وقالت : لن أدعك تغيب عني بعد الان ..
وهنا دخلت نهال وهي تحمل صينية عليها أقداح وحالما شاهدت هبة سقطت الصينية من بين يديها وتكسرت الأقداح وشعرت بالإمتعاض الشديد فانقبض صدرها لكنها أظهرت بشاشة مصطنعة وقامت بالترحيب بهبة ..
بعد ذلك أنفردت هبة بنهال وأنبأتها أنها لم تخبر أحداً بما حصل بينهما وانها مستعدة لأن تغفر لها شريطة أن تحسن سريرتها فوعدتها نهال بذلك وأقسمت لها انها ستفتح صفحة جديدة ..
بعد ثلاث سنوات طويلة على نهال التي لم تستطع أن تنسى كرهها لهبة بسبب خبث سريرتها فبقيت تشحن صدرها غيظا وحقداً عليها خلال تلك السنوات حتى حان يوم زواج إبراهيم من هبة ، حيث نفد صبرها وقررت التخلص من هبة قبل أن يبلغ العريسان ليلة الدخلة ..
ففي تلك الليلة جرت العادة أن يُقدّم للعريسين كأسا عصير فقامت نهال بتسميم الكأس الذي سيقدم لهبة وعندما جلس العريسان ليشربا أمسك كل منهما بكأسه لكن المفاجأة حدثت عندما وضع كل من العريسين كأسه الخاص في فم الآخر وسقاه العصير ..
فصرخت نهال التي كانت ترقب الوضع وهي ترى ابنها يسقط أرضا يتلوى من الألم فنظرت إلى هبة وكأنها تحملها مسؤولية
ماحدث فأمسكت سكيناً وهجمت عليها وهي تزعق لكن والد هبة اعترض طريقها فتلقى منها طعنة في صدره فتراجعت نهال وهي ترى الحضور قد أحاطوا بها للقبض عليها فركضت هاربة ولم تتوقف حتى بلغت منحدراً صخريا وقد لحق بها الشباب والرجال فهددت بإلقاء نفسها ان هم أقتربوا ..
وهنا أطلق عليها احدهم سهماً سريعاً مربوطا بحبل فاخترق فخذها فرمت نهال بنفسها من المنحدر لتنتحر لكن الرجال سحبوها وقبضوا عليها فوجدوها قد جُنّت كلياً وهي تصرخ قائلة :
سأقتلك ياهبة .. سأقتلك ياهبة ، وهي تهذي وتضحك هاهاهاهاهاها..
أما هبة فقد قامت بعمل استثنائي ، إذ شمرت عن ساعديها وأحضرت مواد من المطبخ واستخدمت خبرتها التي أستقتها من الحكيمة كغجرية وصنعت مضادا للسم وسقته لحبيبها ثم التفتت إلى أبيها وصنعت عجينة خاصة وضعتها على الجرح فانقطع النزيف والتأم الجرح فارتاح الرجلان هذه الليلة ..
وفي الأيام التالية شفياً تماماً مما ألم بهما وتم استئناف الزواج وعادت البهجة من جديد في ربوع المنزل العتيق ..
#تمت_الحكاية
لقراءة القصة كلها ،اضغط هنا