كيف أسيطر عليك دون أن
تشعر؟!!
نبدأ بمثال بسيط:
عندما تزور صديقا لك في بيته ويسألك: تشرب شاي أو قهوة ؟
فإنه يستحيل أن يخطر ببالك أن تطلب عصيرا ـ مثلآ-..
وهذا الوضع يسمى:(أسلوب التأطير)
فهو قد جعل عقلك ينحصر في اختيارات محددة فرضت عليك لا إراديآ ومنعت عقلك من البحث عن جميع الاختيارات المتاحة....
بعضنا يمارس ذلك بدون إدراك...وبعضنا يفعله بهندسة وذكاء...
والقوة الحقيقية عندما نمارس هذا الأسلوب بقصد وعندما أجعلك تختار ما أريد أنا بدون أن تشعر أنت..
تقول أم لطفلها:
ما رأيك..هل تذهب للفراش الساعة الثامنة أم التاسعة؟
سوف يختار الطفل الساعة التاسعة.. وهو ما تريده الأم مسبقاً دون أن يشعر أنه مجبر لفعل ذلك بل يشعر أنه هو من قام بالاختيار...
ونفس الأسلوب يستخدم في السياسة والإعلام...
ففي حادث تحطم طائرة تجسس أمريكية في الأجواء الصينية وبعد توتر العلاقات بين البلدين...
خرج الرئيس الأمريكي وقال:
إن الإدارة الأمريكية تستنكر تأخر الصين في تسليم الطائرة الأمريكية...
جاء الرد قاسي من الإدارة الصينية بأنهم سوف يقومون بتفتيش الطائرة
للبحث عن أجهزة تصنت قبل تسليمها..!
الحقيقة هنا، هو أن القضية هي هل تسلم الصين الطائرة لأمريكا أم لا؟
ولكن الخطاب الأمريكي جعل القضية هي التأخر..!
لماذا تأخرتم ... فجاء الرد الصيني أنهم قبل التسليم سوف يتم تفتيشها وهذه موافقة مضمنه على تسليم الطائرة ... لكن متى أراد الصينيون ذلك...
وفي حرب العراق الأخيرة كانت المعركة الفاصلة معركة المطار ....فقامت وسائل الإعلام بتعبئة الطرفين على أن المعركة الحاسمة هي(معركة المطار)...
فأصبحت جميع وحدات القوات المسلحة العراقية تترقب هذه المعركة...
وعندما سقط المطار..شعر الجميع أن العراق كله سقط وماتت الروح المعنوية..!
بالرغم أنه في ذلك الوقت لم يسقط سوى المطار!!
والآن تلعب وسائل الإعلام نفس اللعبة في مجتمعاتنا المنهكة بالجهل وإنعدام الوعي...
هذا أسلوب واحد من عدد كبير من الأساليب التي تجعلك لا ترى إلا (ما أريد أنا)...
وهو أسلوب قوي في قيادة الآخرين والرأي العام من خلال وضع خيارات وهمية تقيد تفكير الطرف الآخر!
وهكذا الإعلام..
دائماً ما يضع الحدث في إطار يدعم به القضية التي يريدها …
انتبه لكل سؤال يقال لك...أو خبر..أو معلومة تصلك، فإنه قد يسلبك عقلك وقرارك وقناعاتك...
سوف يقيدك .. كثير من المذيعين يضع ضيفه في الزاوية والصف الذي يريده..
كلما زاد وعي الإنسان ومعرفته , استطاع أن يخرج من هذه الأطر والقيود وهذه الأطر هي لعبة الإعلام والسياسة والخطباء والكتاب...
لكي يقودونك إلى مايريدون هم...لا إلى ماتريد أنت..!
توقف الآن وفورآ...وتأمل واصنع الإطار المناسب لك لا القيد..
بإختصار:
من يضع الإطار فإنه يتحكم في النتائج!
د. مصطفى محمود