كانت مفاجأتي كبيرة وصدمتي.. مساء أمس لما لاحظت اختفاء "لوحة عنونة" تحمل اسم الشيخ محمد المامي كانت مثبتة على حائط في ركن شارع من لگصر، كما يظهر في الصورة؛ حاولت أن اعرف: كيف ولماذا؟
ويعتقد أحد ممن التقيت بهم في الحي المعني أن البلدية هي من نزعت "لوحة العنونة" المذكورة. لكنني أشك حقيقة في صحة ما قال لي، إذ لا أجد له من مبرر على الإطلاق. لأن "لوحات العنونة" تخلد أسماء وطنية وعالمية تشكل حيزا هاما من الذاكرة الإنسانية في ابعادها المختلفة. واسم الشيخ محمد المامي من أعظم الرموز التي تمثل الذاكرة المعرفية والفكرية لموريتانيا وللمنطقة. ومن غير المعقول ولا المقبول أن يُزال اسمه، بل على العكس ينبغي أن تتضاعف اللوحات والعناوين التي تحمله: عنونة الشوارع، تسمية المؤسسات التعليمية والعلمية...
ومن المعروف أنه فور ما يأخذ شارع أو مؤسسة اسم شخصية بهذا الحجم، فإن ذلك الاسم يصبح من تراث ذلك المسمَّى: أي المدينة، أو المؤسسة. ويجب المحافظة عليه.
صحيح أننا نشاهد أحيانا حالات نادرة تخالف هذه القاعدة. وهي عادة إما لأحد الأمرين :
لتصحيح خطأ تاريخي ذي طابع أخلاقي مثل العمل على الرجوع عن تخليد مجرمين تاريخيين: عبوديين أو استعماريين...
كونها صادرة عن متطرفين يقفون على الجانب الآخر مثل ما يجري خلال السنوات الأخيرة على أيدي بعض المنتخبين من اليمين المتطرف في الغرب.
وطبعا اسم الشيخ محمد المامي، وغيره من الشخصيات الوطنية التاريخية، بعيدون كل البعد عن هذا النوع من الرموز المثيرة للجدل. فاسم من "عد الحصى"، وألف "كتاب البادية" وغيره من الكتب العميقة والمراجع الرائعة، باق إلى الأبد منحوتا بالرخام في الذاكرة الجمعية الموريتانية، بل يتجاوز الحدود إلى ما وراء الذاكرة الوطنية. ولا تجوز إزالته من عنونة مدينة نواكشوط التي دخلها منذ بداية الستينات من القرن الماضي، أي منذ ما يزيد عل نصف قرن ونيف.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)