صراع أم أعشيش.
هيبة الدولة بين مطرقة الشعب وسندان النافذين.
كان الوجيه والسياسي الشيخ أحمد ولد الشيخ سيد الخير شخصية روحية ودينية وإجتماعية صاحب أكبر نفوذ في منطقة محرد (وقادو) والشريط الحدودي قاطبة من (كالا) وحتى منطقة (لكريص) كما يمتلك مخزونا إنتخاييا ضخما عند الضرورة للبلدين كونه مزدوج الجنسية وله علاقات خاصة مع حكومات البلدين مالي وموريتانيا مكنته علاقاته مع مالي من الحصول على عدة تراخيص لحفر نقاط مياه فى الأراضي المالية وكانت قِبلةً للمنمين الموريتانيين والماليين خاصة فترة الصيف ،
بقي الرجل كما هو توالت عليه عدة أنظمة مالية وكذلك موريتانية وبقيت علاقته معهم أحسن مما كانت ،تربط الرجل علاقة خاصة مع شخصيات وازنة من المنطقة تتولى مناصب عالية في هرم السلطة الموريتانية ومن بينها جنرال يشغل منصب وزير سامٍ في البلد ، وكذلك عدة وزراء وشخصيات أجتماعية، بعد أحداث مالي الأخيرة والمجازر التي تعرض لها موريتانيون عند حنفياته ، وبعد التعليمات التي أصدرها رئيس الدولة لحفر آبار إرتوازية داخل الأراضي الموريتانية وكون المعني كان قِبلةَ جميع المنمين ونظرا لعلاقات الرجل الواسعة حصل على ترخيص من الحكومة الموريتانية بحفر (صونداج) وتم أخذ إحداثياته عن طريق الوزارة الوصية ، إلا أن المنطقة التي تم تحديدها وهي أم أعشيش القريبة من حاسي الشكه البيظه المملوك لإحدي قبائل المنطقة رأوا في الأمر ظلما لهم من منظور أن الأولوية لهم إن كانت الدولة ستساعد حقا في توفير الماء ساندها في ذلك مجموعة قبلية وازنة ومن الغريب أنها أخوال المعني وهما قبيلتين مشهورتين في المنطقة ، تدخل أهل السداد لإقناع الأطراف أن حفر هذا "صودناج" تكون المصلحة مشتركة فشلت كل المساعي ، مع أن الرجل يمتلك ترخيصا رسميا بعد ذلك قرر أن يحفر بعد أن أطْلع السلطات المحلية والتي تجاهلت كل التحذيرات بل تجاوزت إلى إعتقال بعض رؤوس الطرفين، وأصرت على تنفيذ مضمون الترخيص بحجة أن
الأرض ذات نفع عام ويجب إستغلالها ،أعتصم بعض خصوم الرجل الرافضين لفكرة الحفر وحدثت مناوشات، وتجاهلت السلطات كل ذلك وغاب عنصر الصرامة وفرض هيبة الدولة ،إلى أن حدثت إشتباكات بالأسلحة البيضاء راح ضحيتها شاب وجُرح العشرات وقد وصلت معدات الحفر إلى عين المكان إلا أن الخصوم أصروا على رفضهم بل حاولوا إتلاف المعدات مما أجبر القائمين على المشروع على العودة إلى باسكنو في غياب وتحد واضح لمفهوم دولة القانون كما تعرض الرجل لإطلاق نار وهو في سيارته ونجا منه بأعجوبة كما قرر الخصوم البدء في الإستيلاء على إبل المعني أينما وجدت ،كل هذا بدعوى أنهم ضحية لعلاقات سياسية وأن السلطات تعلم أن الأرض المحددة أرضهم وملكا لهم وإذا كانت هنالك أسبقية فهي من حقهم ، وصلت وحدات من الدرك ومكافحة الشغب للسيطرة على الموقف والحيلولة دون وقوع مجزرة بوادرها تلوح في الأفق، وهو ما نجحت فيه حتى الساعة ، والى الحوض الشرقي يصل باسكنو ويلتقي بقادة أطراف النزاع ،
بعد أن تأكد الرجل أن الدولة تخلت عن واجبها في فرض قراراتها وحقنا للدماء وعزوفا عن المشاكل قرر الأخير الإنسحاب والعودة إلي أماكنه الأصلية مع أن الدولة هي من فرضت عليه وعلى غيره مغادرة تلك المناطق حفاظا على سلامتهم .... يتواصل..
بقلم/ محمد كعباش..