عند الحلكة يأتي الليل ، عند المأساة نصدر ألحان الضحكات ، عند التحايل و الكذب على الوعي نعلم أنها السياسية ... إنها من تلابيب القدر على الحياة في أسؤها أو في أبهاها ، إنه التصارع القائم بين الأضداد ، إنها المأساة الانسانية مع ابتكار لغة السخرية اتجاه البنى الفكرية و السياسية و المالكة لوسائل الانتاج و الاكراه .. إنها محاولة صد هذه الملهاة ..!
إنّ هذه التقدمة نُسيق بها الوضع القائم بالبلاد بالرغم من تعدد مراوح التأويل و التفسير ... لكن نريدها أن تقتصر على الترف اللامنطقي أو الانفصال عن الواقع عندما نتحدث عن الحب للوطن و الانتماء و التضحية من أجل رموزه السياسية .. إن الامر يتلخص تماما بما تتحفنا به فعل السياسية بالبلد من أعمال درامية و رومانسية الى تراجيدية بين الحين و الاخر ، لهذا اعتاد المغاربة على زعماء الدَيات و الإيالات في تقاسم السلطة و النفوذ و المصالح التبادلية لتظل نفس الادبيات و المسلكيات المنهجية في العمل ، باعتبارها الحل الوحيد وفق الاجواء العامة في انخفاض معدل الوطنية للفاعلين الرئيسين بالبلد و ارتفاع نسبة المص و الحلب و نزع المتاريس المتبقية الاخيرة التي تحمي المواطنين من امن اجتماعي و عدالة ... بالتالي إنه انفتاح المجتمع المغربي مضطرا على نوع جديد من السحر و الشعوذة و الايهام و الوهم و السخرية ..!
كل هذه المشاهد متوفرة على مسارحنا ، نفس اللاعبون يُعاود انتاجهم و إن تمخضت السياسية و الساسة ، إنه التقليد المتوارث في عدم تغيير الوقائع ... إنّ اقتراب موعد الانتخابات المفضل لدى ساستنا الأشاوس تكثر فرص الملهاة و الفرجة المتاحة من إبداع ، و إذا خرجت من مربع " الرباط " تجد في مدينة " تيزنيت " ليبرالي يميني يَعد البسطاء من عُمال و كادحين و طباخين ... بالجنة و زيارة الديار المقدسة شريطة الانخراط في تنظيم مدني يُخلق من العدم ثم التصويت على نوع من الحمام ؛ بل وصل الحد أن تنسب أنجاز ليس لك فقط لأنه منح أغطية من مال دافعي الضرائب و أخر في الشرق و الشمال يقمع الطاقات لإسكاتها و و غيرها الكثير ، ليبقى المواطن البسيط الأكثر ولاء للوطن لأن لا ملجأ لهم غيره فهم الأكثر نقاءا و زهدا من الخسة ..؟ الى حين أن تجد الاطراف المقامرة بالوطن ما يشبع رغبتها النرجسية .
الكل يعلم قصة الكاتب الساخر "برنارد شو " مع " تشرشل " عندما حدثه الاخير و قال : من يراك يا اخي " برنار" يظن أن بلادنا تعاني من أزمة اقتصادية حادة ، فأجابه " برنار شو" قائلا : و من يراك يا صاحبي يعلم فورا سبب الأزمة _مشيرا الى بطنه الضخم _ ، فيستنتج ها هنا ،إذا كانت السياسة اهتمام بالشأن العام و فن مميز محصور في قلة من الناس فإنه يفتقد الى الوعي السياسي الاجتماعي معيار الاستقرار و الامان كنموذج وطننا ، فافتقاد الفاعل السياسي الوعي و الادراك نتيجة مسلكياتهم تخرج الكل الى الصراخ و تصبح عندها وقودا لإشعال الغضب ، فهذه الاحزاب أضحت لها اختيارات من مرحلة انفرط عقدها فهي تغلق أبوابها للتغيير و تبحث في ذات الوقت عن احتواء المواطن في تناقض تام مع عدم قدرة إصلاح ذاتها .
أيها الساسة المبجلون :
المواطن لا يحتاج الى دياركم المقدسة أو أكل خبزكم ..
المواطن يمقت ثرائكم السريع و طفيليتكم و تحايلكم و اللعب في أحلامهم ..
المواطن يحتاج من يخدم كل مستوياته من كفر الفقر و الجوع و الصحة و التعليم ..
المواطن يبحث عن قوت عيشه اليومي بكده و ليس في حاجة الى السخرية بضميرهم ..
الموطن كأنه يقول الى دهيماء السياسة كفى ، فأنتم اصحاب الاكتئاب العام بالمضاربة و غسل الاموال و النهب ..
المواطن يدعوكم الى أن تقرأو الوقائع بشكل سليم و صحيح في منطقتنا و تستعيضوا ..
المواطن لا يأكل السياسة و الحلم لأنه كما تسخرون من فقر و جوعه فهو يسخر من أوداجكم المنتفخة ظهرها كمؤخرتها ..
(عفوا المواطن لا يأكل السياسة و لا يحتاج الى الحلم ..!)
بقلم : عبد الرحمان آيسن