شاءت الأقدار أن أمر بجانبها...أن تُسمعني صوت أنينها...
اقتربتُ...ثم اقتربت أكثر , وأصغيت..
لغة الألم ...لا يفهمها..لا يشعر بها إلا من تسيل دموعهم في صمت...ينظرون من طرفٍ خفي...
تصطك أسنانهم ..يتململون ..يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال من شدة الألم....ومع ذلك يتصنعون الابتسامة...يتظاهرون بالسعادة...
تسمرتْ قدمايَ فوقفت....لم أستطع الكلام...خذلتني لغتي..
نظرتُ منكس الرأس إليها ....سكتتْ...سكنتْ....
رمقتني بعيون دامعة....
يمـزق الألم فؤادها..
وددتُ لو ذهبتُ اليها... وارتميت في أحـضانها..
لكن بصمت..!!
صرختُ بصوتٍ مبحوح لا يسمعه غيري... ولا يفهمه غيرها :
"وحشة الألم أن تتألم.. ولا تدرى ما يؤلمك.... أن ُيسْلمك الالم إلى الصمت.. ..
ويحملك الصمت إلى مساحات اخرى جديدة يكون الكلام عنها وفيها شيئا سخيفا."
إننا نسمع ضجيج الآلام الخفيفة.... ولا نسمع صمت الآلام العميقة...
من فوق سرير أبيض....وعدد من الحُقَن يخترق جسمها العليل قالت :
إن أثمن الدموع وأصدقها....تلك التي تجف في المآقي...تنزل بصمت...دون أن يراها أحد..
اذهب منها بنيّ...فلعلك تخفف آلام غيري... أو تُكفكف دمعة ...تزرع أملا...
أما أنا.........أما أنا....
ثم سكتت......... هممتُ أن أتقدم لأرى النور المنبعث من بين تجاعيدها المتعرجة....لكن رداءً أبيض وضعته ممرضة..غطى وجهها فحرمني لذة النظر...
بقلم/ محمد محمود محمد الامين