الكرم صفة أصيلة في العرب وسجية عرفوا بها في الجاهلية وزادهم الاسلام حرصا عليها وتمسكا بها.
واليوم نروي لكم قصة ثلاثة رجال يقال إنهم أكرم العرب في الاسلام , حيث يروى أن ثلاثة اختلفوا في 3 أيهم أكرم ، فقال أحدهم : أسخى الناس في عصرنا هذا عبدالله بن جعفر بن أبي طالب.
وقال آخر : أسخى الناس عَرَابةُ الأوسي.
وقال آخر : بل هو قيس بن سعد بن عبادة.
وأكثروا الجدال في ذلك، وارتفع ضجيجهم وهم بفناء الكعبة، فقال لهم رجل كان حاضرا : قد أكثرتم الجدال في ذلك، فليمضي كل واحد منكم إلى صاحبه يسأله وكأنه ضيف حتى ننظر ما يعطيه، ونحكم.
فقام صاحب عبدالله بن جعفر إليه، فصادفه قد وضع رجله في غَرْزِ ناقته (ركاب رحلها) يريد "ضيعةً" له أي حديقة غناء وأراضي زراعية خصبة، فقال يا ابن عم رسول الله، قال : قل ما شئت، قال : أنا ابن سبيل ومُنْقَطَعٌ به , فأخرجَ رجله من غرز الناقة، وقال له : ضعْ رجلك واسْتَوِ على الراحلة، وخذْ ما في الحقيبة، واحتفظ بسيفك فإنه من سيوف علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ .
فجاء بالناقة والحقيبة فيها مطارف (نوع من الثياب) خزٍّ وأربعةُ آلاف دينار، وأعظمها وأجلها السيــــف.
ومضى صاحب قيسٍ فصادفه نائماً، فقالت له جاريته : هو نائم فما حاجتك إليه ؟ قال : انا ابن سبيل ومنقطع به، قالت : حاجتُك أهون من إيقاظه، هذا كيسٌ فيه سبعمئة دينار، والله يعلم أن ما في دار قيس غيره، خذهُ وامْضِ إلى معاطنِ إبل له، فخذ راحلة من رواحلها وما يصلحها، وعَبداً، وامضِ لشأنك، فقيل : إن قيساً لما انتبه من رقدته أخبرته بما صنعت، فأعتقها.
ومضى صاحب عرابة إليه، فألفاه قد خرج من منزله يريد الصلاة، وهو يمشي ويتوكأ على عبدين، وقد كُفَّ بصره، فقال : يا عرابة، أنا ابن سبيل ومنقطع به، فـخـلَّى العبدين ورفع يديه عنهما ، وصفّق بيمينه على يسراه، وقال : أوّاه أواه ما تركتْ الحقوق لعرابة مالاً، ولكن خذهما ـ يعني العبدين ـ
قال : ما كنتُ الذي أقصُّ جناحيك، قال : إن لم تأخذهما فهما حُرَّان ،فإن شئت تأخذْ وإن شئت تعتقْ، وأقبل يلتمس الحائط بيده راجعاً إلى منزله.
فأي الثلاثة أكرم؟
قصة تاريخية