كان ينبغي على حزب حاكم قوي مثل حزب الاتحاد ,يمتلك الوسائل المادية واللوجستية التي تمكنه من امتلاك واستغلال أي فرصة وأي موقف للدعاية لأنشطته وتسويقها للجمهور ,كان ينبغي عليه أن تكون له اليد الطولى والذراع الاعلامية الاقوى ,وأن تكون برامج دعايته مبنية على علم وخبرة ,لا على مجرد التهويل والتملق التي كرهها الجمهور وملّها ومَجّها.
إن مَن يتتبع المواد الاعلامية الدعائية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية ,يدرك أن آلته الاعلامية تفتقر للابتكار والتجديد وللكادر المؤهل ,رغم الامكانات الضخمة المتوفرة لديه.
وما البيان الصادر اليوم عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية حول المشاركة "النوعية" لموريتانيا في القمة الافريقية ,الا دليل آخر على نفس النهج الذي طبع الفترات الماضية ,والذي كانت تجلب فيه فاكهة الشتاء في الصيف ,وفواكه الصيف في الشتاء ,ويُقرب فيه البعيد ,وتقلب الحقائق ,وتصور "الكبات" كجنات عدن.
ومن الفقرات الغريبة في بيان حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ,هذه الفقرة :
(ان خطاب الرئيس أكد “استعدادا منقطع النظير لإسهام بلادنا الفعال في النهوض بإفريقيا، إلى مستقبل ينعم فيه أبناؤها بالسلم والأمن والرفاه الاجتماعي، وذلك ما برهن عليه حضور بلادنا القوي والناجع في كافة التجمعات الإقليمية والقارية والدولية”. )
كما جاء فيه أيضا :
(إن مشاركة رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، في القمة الافريقية، التي اختتمت أمس بالعاصمة الأثيوبية: أديس أبابا “ستسهم إلى حد كبير في حلحلة الكثير من قضايا القارة”.)
والحقيقة التي لا مراء فيها أن التهويل الذي ورد في بيان الحزب بأهمية دور الوفد الموريتاني في القمة وإسهاماته التي سيكون لها أثر كبير في حل مشاكل القارة الافريقية ,هذا التهويل غير مبرر ,تماما كالتهوين من أهميته ,فالامور يجب أن تبقى في سياقها وفي نصابها.
فالوفد الموريتاني حضر القمة كبقية الوفود الخمسين ,ورئيس الجمهورية ألقى كلمة مبرمجة كباقي الرؤساء وعاد رفقة وفده المرافق له بسلامة الى الوطن ,أما نجاح القمة أو فشلها ,فذلك شأن ليس لنا فيه كبير دور ,وإن كانت لنا مشاركة ـ بالطبع ـ في صياغة البيان الختامي المعد سلفا.
وفي الاخير نتقدم بنصيحة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية :
بما أن جهازكم الاعلامي ما يزال ضعيفا ,وخطابكم ما يزال بدائيا ,يقتفي أثر خطاب الاحزاب الحاكمة السابقة ,فعليكم بالتجديد والبحث عن الجديد ,فرئيس الجمهورية ليس بحاجة للتقرب إليه بآلية قلب الحقائق وتزييفها ,بقدر حاجته للنصح الصادق والبطانة الصالحة التي تعينه على الخير وتنقل إليه حقيقة الاشياء كما هي ,بدون تهويل ولا تهوين.
افتتاحية (الجواهر)