في أواخر التسعينيات أنشأت فرنسا، في إطار أحد مشاريعها العسكرية السرية، طائرةً سريعةً لا يلتقطها الرادار، وأخضعتها للاختبار في أول رحلة لها، حيث عبَرت البحر الأبيض المتوسط واخترقت الأجواء اللبنانية مروراً بالسماء السورية، ثم اتجهت لتعبر أجواء عدة بلدان عربية أخرى قبل أن تعبر الأجواء اليمنية في طريقها للهبوط في جزيرة رينيون التابعة لفرنسا في المحيط الهندي. وبالطبع لم يرصدها أي رادار في تلك الدول، لكن الناس جميعاً سمعوا صوتها دون أن يتمكنوا من تحديد هوية الدولة التي أقلعت منها. كل الدول التزمت الصمت حفاظاً على هيبة جيوشها، وكادت فرنسا تحتفل بالإنجاز الضخم في قصر الأليزيه بباريس لو لا أن اتصل سفيرها في صنعاء، ليفيد بأنه تلقى مذكرة احتجاج من الحكومة اليمنية على اختراق أجوائها. أصيب الضباط والعلماء الفرنسيون بالإحباط والدهشة، إذ كيف لليمن أن يلتقط صورة الطائرة المطوَّرة ويحدد هويتَها! وأول ما تبادر لذهن المخابرات الفرنسية هو أن هناك رادارات لدول عظمى تنتصب فوق التراب اليمني، وفي تلك الليلة أمر الرئيس الفرنسي بتحريك الأقمار الاصطناعية لتمشيط ومسح كامل التراب اليمني، إلا أن الأقمار لم ترصد شيئاً. وفي صباح اليوم التالي تنازلت فرنسا العظمى عن كبريائها وقدمت لليمن شيكاً بمبلغ 100 مليون دولار كُتب في خلفيته: «نرجو منكم إخبارنا بنوعية الرادار الذي كشف طائرتنا». فرد اليمنيون: «لا رادار ولا حاجه، بس بعد ما سمعنا صوت الطائره سارعنا بتقديم مذكرات احتجاج لكل السفارات الأجنبية في اليمن، كلهم ردوا: الطائرة ليست لنا.. إلا السفارة الفرنسية ردت بالاعتذار، فعرفنا أن الطائرة لكم».
تذكرتُ هذه النكتة العربية المتداولة منذ عشرين عاماً، واعتمدتُ على محرك البحث «غوغل» من أجل استعادتها، وأنا أتابع مع الجميع قصةَ الطائرة المجهولة في أجواء «احسي الجدعه»، والتي قيل إن السكان شاهدوا دخان تحطمها هناك، ثم شُوهدت بعد ذلك بحوالي ساعة ونصف الساعة وهي تخترق الأجواء بالقرب من واد الناقة، دون أن ترصدها الرادارات!
نقلا عن صفحة محمد المنى.