كيف تعامل الطاقم الطبي في "زايد" مع مصابة بكورونا في السبعين؟

خميس, 02/09/2021 - 14:31

كتب الدكتور/ محمد المهدي ولد محمد البشير في صفحته على الفيسبوك التدوينة التالية ,يوجه فيها الشكر للفريق الطبي في مستشفى الشيخ زايد الذي رافق والدته ووجدت منه العناية اللازمة أثناء فترة مرضها :

 

((شكرا للفريق الطبي الذي أنقذ حياة والدتي ...أصيبت والدتي بمرض غامض في مدينة وادان - 600 كم من نواكشوط - وقد عجز الممرض الرئيس هناك عن تشخيص حالتها المرضية، رغم جهده المشكور واهتمامه الكبير بها ... فجأة فقدت والدتي وعيها فكان لا بد من نقلها يوم 24 يوليو 2021 إلى العاصمة نواكشوط... أخطأت الوجهة ابتداء، ثم وليت وجهي في اليوم الموالي صباحا شطر الحالات المستعجلة في مستشفى الشيخ زايد هناك وجدت طاقما طبيا متميزا بمعرفته وخبرته ومهنيته وأخلاقه، يعمل بإخلاص نادر، وعزيمة لا تلين، أبطال يخوضون معركة شرسة بأدوات المعرفة والخبرة والصدق والحيوية والعمل بروح الفريق، شباب يملكونه دوافع ذاتية لخدمة وطنهم، وأخلاق عالية للتعامل مع المرضى ومرافقيهم، وإدارة وفرت لهذا الفريق أدوات العمل: تجهيزات ومعدات طبية جيدة، لا يضيع أفراد هذا الفريق وقتهم في الأحاديث الفارغة، ولا في كتابة الفحوص التي لا لزوم لها كما هو دأب بعض المبتدئين الذين تعوزهم الخبرة والمسؤولية، ولا تشغلهم الحالات الحرجة الضاغطة، ولا تربكهم حالات الوفاة المخيفة، عن محاولة إنقاذ من يمكنهم إنقاذ حياته من المرضى، لأنهم يعرفون جسامة رسالتهم المقدسة، التي هي أمانة ومسؤولية،وخدمة للمواطن قبل أن تكون وظيفة مربحة، ومكانة اجتماعية مرموقة، لا فرق عندهم بين مريض ومريض، ولا حاجة لذوي المريض إلى واسطة حتى يحظى مريضهم بعناية هذا الفريق الطبي ( لا أعني أن الادوية والفحوص مجانية ) ولعل هذا هو سر نجاحهم، وقدرتهم على العمل بمرونة وانسيابية وإتقان يجسد معنى الوطنية و"النصيحة".

استقبلوا والدتي عند مدخل الحالات المستعجلة بسرعة وما ان دلفنا إلى ممر صالة الحالات المستعجلة حتى سألني أحدهم ؛ هل أخذت – الوالدة- لقاح كورونا؟ أجبته بالنفي .... وضعوها في أحد اسرة الحالات المستعجلة بسرعة، وبدؤوا إجراء الفحوصات والعلاجات الأولية دون تراخ، وكأنهم يسابقون الزمن لافتتاكها من أنياب وحش مفترس، ظهر أنها تحتاج إلى الأكسجين – وأن هذا هو سبب شدة المرض عليها- بعد مرور ساعتين من استعمال الاكسجين، بدأت حالتها تتحسن وتستعيد وعيها- لم تدرك أنها في مدينة نواكشوط التي لم ترها من قبل - اجروا لها فحص PCR فظهرت النتيجة سالبة – كما ظهرت سالبة قبل ذلك بمدينة وادان - سالني أحد أعضاء الفريق عن عمرها والادوية التي تستعملها وما اذا كانت لديها أمراض مزمنة، ظننت أنه مجرد طالب يجري دراسة، فقال لي ان هذه الاسئلة تطرح على كل شخص يجرى له فحص كورونا .

كان الطبيب يأتيها بانتظام رغم كثرة الضغط عليه: مريض هنا، وحالة حرجة هناك. وميت هنالك.

قال لي انه سيجري لها فحص التصوير المقطعي سكانير للتأكد من سلامتها من فيروس كورونا، وأنهم إن تأكدوا من إصابتها بهذا المرض فستحجز مع المصابين به على حساب الدولة الموريتانية، ولن يكون بمقدوري الدخول عليها حفاظا على سلامتي ...

شيء مخيف حقا أن تمنع من الدخول على والدتك وهي في السبعين من عمرها وتعاني هذا المرض القاتل، وتتركها للغرباء ....تذكرت هشاشة الحياة ونظمها الاجتماعية وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه .

عندما نقلوا الوالدة لإجراء فحص سكانير كان عمال المستشفى يجرون حاملين أجهزة الأكسجين حتى لا يضعف مستوى تنفسها أثناء نقلها من وإلى سيارة الإسعاف أو اثناء إجراء الفحص لها... أكد لي الطبيب الذي اجرى فحص سكانير أن والدتي مصابة بهذا الفيروس اللعين؛ مما يعني انها ستنقل إلى الجناح المخصص للمصابين بكورونا في مستشفى الشيخ زايد ....

في الساعة العاشرة اتصل بي الطبيب المداوم ليخبرني انهم – نظرا لقلة الأسرة في مستشفى الشيخ زايد – فسيرسلون الوالدة إلى المستشفى الوطني. شكرته- بعد حوالي ساعتين اتصل علي شخص آخر وقال لي إن الوالدة وصلت الجناح المخصص لمرضى كورونا بالمستشفى الوطني – وهو نفس الجناح الذي توفي فيه قبل هذا التاريخ بأسبوعين أخي وابن عمي مولاي البشير رحمه الله تعالى

استيقظت باكرا يوم 26 يوليو 2021 وذهبت إلى الجناح المخصص للمصابين بكورونا في المستشفى الوطني وبدأت أربط الصلات بالعاملين بهذا الجناح - فنيين وعمالا بسطاء - حتى أعرف اخبار والدتي، واستعنت بغيرهم من الأقارب والمعارف حتى اطمئن على صحة المعلومات التي يقدمونها لي..

أخبروني يوم 30 يوليو أن الوالدة شفيت لله الحمد ولم تعد في حاجة إلى الحجز ... كنت خائفا أن تكون كثرة الضغط عليهم وارتفاع الحالات الحرجة هي سبب الاسراع بإخراج والدتي، اتصلت بمدير سابق للمستشفى الوطني وأكد لي أن المستشفى لا يمكن أن يخرج مريضا قبل تحسن حالته الصحية.

إنني لم اذكر هذه القصة من باب سرد ما وقع بل لأقدم الشكر - بعد شكر الله تعالى أولا وأخيرا - للفريق المداوم في الحالات المستعجلة بمستشفى الشيخ زايد يوم 25 يوليو 2021 م، في الفترتين الصباحية والمسائية - أطباء وممرضين وعمالا مساعدين - وكذلك لزملائهم في المستشفى الوطني

ولولا وجود إدارة حازمة تشرف وتخطط وتقيم وتراقب وتكافئ وتعاقب لما استطاع هذا الفريق الرائع في مستشفى الشيخ زايد أن يؤدي عمله النبيل فلهذه الادارة - أيضا- أقدم الشكر .))

 

منقول من صفحة الدكتور/ محمد المهدي على الفيسبوك

  

         

بحث