الحلقة (7)
16 – الكرسي
قلنا إن الطريقة التي وصل بها ولد الغزواني إلى الحكم، هي نفس الطريقة التي وصل بها ولد الطايع؛ كلاهما جاء بدعم من فرنسا. ولنا أن نتساءل الآن، بعد عام كامل من جلوسه على كرسي الرئاسة عن الطريقة التي يمارس بها الحكم بشكل فعلي. وإلى أي من هيدالة أو معاوية هي أقرب؟ أم أن ولد الغزواني لديه طريقة جديدة فى الحكم، تبدو توفيقية، هادئة وناعمة؟
ونقول أيضا إن نظام الحكم فى موريتانيا، نظام عسكري بوليسي فى ثياب مدنية.
لم ندخل مع ولد الغزواني فى نظام مختلف عن نظام ولد عبد العزيز، فاللعبة هي هي، مع اختلاف بسيط فى الأدوار. المأمورية الأولى لولد الغزواني لا تعدو كونها – فى الجوهر – مأمورية ثالثة لولد عبد العزيز؛ خرجت من يده فى اللحظة الأخيرة، وسقطت فى يد صديقه. صديق يديرها بأسلوب الطبخ على النار الهادئة.
كان ولد عبد العزيز قد صفَّى – من أجل المأمورية – جميع ديون المأمورية الثانية. صفى قضية بيرام، وولد امخيطير، وصفى العلاقة مع قطر، وقلم أظافر الإسلاميين، وملف الزنوج، والعلاقة مع السنغال بشأن تقاسم الغاز، وترك مسألة اللغة العربية، وديون الشيخ الرضى، لمأموريته الثالثة، على أمل العودة من جديد، بعد استراحة قصيرة خارج القصر الرئاسي.
وعندما جلس ولد الغزواني على الكرسي، وسمع العزف والطبول والزغاريد؛ أعجبه الحال، وقرر البقاء طويلا. أو ربما أراد له ذلك رجال القبيلة، قبيلة الجيش، وهم من قرروا إخراج ولد عبد العزيز من اللعبة، فقد طال عهده بالجيش، وآن له أن يعتزل اللعبة العسكرية فى دوري الأبطال، ويلتحق إن شاء بالدور المدني (سيويل)، إن كان يجيد وضع الكمامة.
لكن الكلام – فى النهاية – عن الجيش، كلام ظني؛ والكلام على الظن محض الكذب. الجيش صندوق أسود، لا يُعرف ما يجري بداخله، والواضح من أمره، أنه هو المالك الفعلي للسلطة، لكننا لا ندري كيف يمارسها على أرض الواقع.
لم يحرك ولد الغزواني – حتى الآن – ساكنا فى قضية اللغة العربية، إلا أنه استقبل ماكرون فى القصر الذي بناه عزيز، وألقى خطابه باللغة الفرنسية، ثأرا لها من اللغة العربية فى قصر البرلمان.
أما قضية الشيخ الرضى، فتأخذ طريقها إلى الحل – على نار هادئة – بتكليف القضاء بتصفية الديون والممتلكات بشكل قانوني، وفق إجراءات طويلة.
جميع الرؤساء عندما يجلسون على كرسي الرئاسة، يصبحون كالغواني يغرهن الثناء. وعندما يميد بهم الكرسي ويغادرون القصر، يصبحون كالمطلقات والمتقاعدين الجدد، يستقبلون من أمرهم ما استدبروا، يرددون القصص القديمة، نادمين على ما صنعوا، وهم على ما لم يفعلوا أندم.
17 – الطبل
يتبع أن شاء الله......
للرجوع الحلقات الماضية ،يرجى الضغط هنا