14 – الحكم
لا يوجد رئيس فى العالم، ولا ملك، ولا أمير – مهما كانت قوته ودكتاتوريته – قادر على ممارسة السلطة والحكم بمفرده، فذلك أمر مفروغ منه. الحكم الديمقراطي – الذي يطبل له الغرب – غير قادر على تحصيل، ولا على ضمان، التناوب الفعلي على السلطة، تماما مثل الأحكام التي يقال إنها دكتاتورية أو بوليسية.
أمريكا هي التي تحكم العالم، وأمريكا تحكمها إسرائيل، وليس لأي مستأجر للبيت الأبيض، ولا للشعب الأميركي دخل فى الأمر، سواء كان اسمه اترامب أو أوباما.
ألمانيا هي مركل، والروس هي بوتن ومدفديف اللذان تجاوزا وحدهما عقدة القائد من السيد؛ تلك العقدة التي عصفت بعلاقة عزيز وغزواني فى لمح البصر، وهي التي كانت سببا فى مأساة هارون الرشيد المريرة مع البرامكة.
العراق آمنة وموحدة هي صدام، وسوريا فى السلم والحرب الأهلية هي الأسد، ولبنان هي نصر الله، وموريتانيا هي المختار ولد داداه، تحكمها فرنسا، وفرنسا هي ديغول، وتحكمها الآن مارين لوبين وراثة منتزعة من أبيها، تماما مثلما أن أمريكا تحكمها إسرائيل.
انكليترا بعد تشيرشل هي تاتشر، وأمريكا بعد روزفالت هي اترامب، لكنه اليوم – مهما أوتي من قوة وجبروت – لا يملك شيئا من أمره، أمام الباحثين عن هيكل سليمان، تحت المسجد الأقصى فى القدس الشريف.
ولا يكون الرئيس رئيسا حقيقيا إلا إذا ارتبط اسمه ببلاده حتى يكون علما عليها لفترة طويله، كشاه إيران أو الخميني، أو آتاتورك أو أردوكان…
يرتبط اسم المملكة المغربية بالحسن الثاني، والجزائر بابن بله وبومدين، والناس يعرفون أن الحكم فيها للجيش. ويرتبط كفاح الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال، بالولي مصطفى السيد.
مصر جمال عبد الناصر، ولم يستطع أي من السادات، ولا مبارك، ولا السيسي، أن يكون بعده هو مصر، رغم كونهم حكموا سنين طويلة، وفي وضع أفضل. يَنقُصُهم ذلك الكبريت الأحمر الذي يقال له الكاريزما. كاريزما صدام، والخميني، وأتاتورك، والحسن الثاني، وبومدين وبن بلة، ومصطفى السيد، وبورقيبة، وسينغور، وماو اتسي تونك، وديغول، وغاندي، ومنديلا.
15 – الرقعة
الحلقة الثالثة من المسلسل الجديد للانقلابات فى موريتانيا، جاءت مع التعيينات الأخيرة لقيادات أركان الجيوش التي أدخلت لاعبين جددا فى الرقعة، ويحسب لهم ألف حساب، فى تحديد مقتضيات الحكم.
أقوى هذه التعديلات رمزية ودلالة هو تعيين الفريق محمد ولد مكت على قيادة الأركان العامة للجيوش خلفا للفريق برور؛ إذ ينتمي كل منهما – بطبيعته وأسلوبه الخاص – إلى إحدى الطريقتين المؤديتين إلى السلطة. فالأول أقرب إلى المدرسة الطائعية الغزوانية، ويتقاسم الثاني العديد من ميزات المدرسة العزيزية الهيدالية، بحكم تفوقه الدراسي ومساره المهني. ويأتي تعيينه على الحرس بمثابة الجلوس على مقعد البدلاء.
فرنسا لا تحب أمثاله من الضباط الذين لا يستندون إلى مرجعية غربية، وكانت غير مطمئنة تماما على قيادته لأركان الجيوش.
كما أن دخول الجنرال حمادة ولد بيدة فى وسط الميدان بتوليه قيادة القوات الخاصة، يضيف عاملا جديدا فى المعادلة، اعتبارا لحاضنته الاجتماعية القوية، وبحكم وعيه ودرايته بإكراهات التعامل مع العواصم الغربية؛ بالإضافة إلى كونه يعتبر وريثا لوالده الشيخ ولد بيدة الذي كان مرجعية لدى الجيش، فى العدل والاستقامة.
ولد هيدالة كان مزعجا للغرب عندما نفذ الحدود؛ حدود القتل والجلد وقطع يد السارق، جهارا نهارا على رؤوس الأشهاد. وكان ولد عبد العزيز مزعجا، عندما أرسل الجرافات إلى مقر سفارة إسرائيل.
فرنسا لا تريد من يبايعها على أنه ابن عم حر، بل تريد من يبايعها على الولاء بكونه عبدا قنا، لا ابن عم حر.
فرنسا تريد التعادل، وبقاء الأمور على حالها بشأن اللغة الفرنسية. وهي مرتاحة للنتيجة، ما دام الأطفال يتلقون العلوم بـ X و Y بدلا من السين والصاد.
16 – الكرسي
يتبع ان شاء الله...
للعودة للحلقات الماضية
اضغط هنــــــا