الطريقة الغزوانية للوصول إلى السلطة(ج10)

ثلاثاء, 06/10/2020 - 17:27

21 – العدوى

قلنا إن الانقلابات والانتخابات فى موريتانيا سواء فى تحصيل التناوب السلمي على السلطة. وقلنا أيضا، إن الانقلاب لا ينجح فيها إلا إذا كان سلميا أبيض؛ فمتلازمة اللون الأحمر مؤثرة بقوة فى نجاح الانقلاب. عندما يدخل الانقلاب فى مرحلة التنفيذ، وتسيل قطرة دم واحدة، يصاب الانقلابيون بعمى الألوان وفوبيا اللون الأحمر. يفقدون الصواب، ويفشل الانقلاب. لكنهم ينقلون العدوى إلى الحاكم الذي عندما يصاب بالفيروس، يبدأ العد التنازلي للتداعي والسقوط. 

كان نظام ولد هيدالة بعد 16 مارس، نظاما متداعيا فى المنطقة الحمراء، ينتظر السقوط. وتداعى نظام ولد الطايع، بعد فرسان التغيير. وكان العد التنازلي لسقوط نظام ولد داداه، قد بدأ مع أول رصاصة تطلق فى حرب الصحراء.

أما ولد عبد العزيز، فانتهى أمره يوم رفض الشيوخ تعديل الدستور. كان انقلابهم فاشلا، لكنه أدخل عزيز فى المنطقة الحمراء؛ منطقة التداعي والسقوط.

فترة ولد عبد العزيز، وقبله ولد محمد فال، كانتا فترتين ذهبيتين استعاد فيهما الجيش هيبته وكبرياءه بعد سنين عجاف. وكانت فترة ولد محمد فال فترة ذهبية للعسكريين والمدنيين على حد سواء. كانت فترة المصالحة، وإعادة التأسيس، لولا ما شابها من حديث البطاقة البيضاء، وكذبة البترول، وتصفية الحساب مع أنصار معاوية، وتعديل الدستور من أجل خدعة الترشحات المستقلة، لحرمان ولد داداه من الرئاسة…

 كانت فترة جميلة، لكنها كانت قصيرة.

22 – الأمير

أما اليوم، فنحن نعيش فى أمنية الغاز، ومقبلون على فترة لما تتحدد معالمها بشكل واضح، لكن الاتجاه العام، هو حكم لأهل الشرق، لا يطغى فيه النظام العسكري تماما على النظام المدني، ولا تطغى فيه القيم العسكرية – بالكلية – على القيم المدنية؛ لأن “الرعية على قلب الأمير”، والأمير رجل من فئة الزوايا الذين لا علاقة لهم بالسلاح، ولا بالعقيدة العسكرية.

 قبائل الزوايا فى المناطق الشرقية من موريتانيا، مقسمة بين مجموعتين، إحداهما كانت تحمل السلاح، وتخوض الحروب، والأخرى لا تحمل السلاح، وهي التي ينتمي إليها الرئيس.

دخلنا مع ولد غزواني فى نظام يشبه “المأمورية الثالثة”. نعم، هي مأمورية ثالثة، صنعها ولد عبد العزيز لنفسه، لكنها جاءت من نصيب صديقه وشريكه فى الحكم.

لا يمكن للرئيس الجديد أن يتنكر- بأي حال من الأحوال – للمأموريتين الماضيتين، إذ كان شريكا قويا وضامنا لاستمرارهما، وليس بوسعه أن يغير التاريخ، ويمحو العشرية الماضية بجرة قلم، كما فعل الرؤساء الذين سبقوه؛ فأولئك كانوا يبنون نظاما جديدا، على أنقاض نظام مقلوب.

أصحاب الطبول والمزامير والأقلام المأجورة فى ورطة؛ إن هم أدانوا العشرية، وقالوا إنها سوداء، ينالون من شخص الرئيس، بحكم مشاركته الفاعلة فيها؛ وإن مجدوها، وقعوا فى المحظور.

كلمة من قالها يسقط فى النار، ومن لم يقلها يخش فى النار.

23 – العهد

يتبع أن شاء الله...
عن/ ريم يفيد
لمتابعة الحلقات الماضية ،إضغطوا هنا

  

        

بحث