قصد الاستجمام والراحة وتغيير الأجواء ,قرر أحد الشباب السفر إلى مدينة نواذيب ذات المناخ المعتدل لقضاء عطلته بعيدا عن ضجيج العاصمة.
وبينما هو يسير ـ ذات يوم ـ بسيارته وسط الشوارع والاحياء في المدينة الهادئة ,استوقفته فتاة بارعة الجمال ,تتميز برشاقة وقوامٍ نادرين ,فأوقف سيارته وركبت إلى جانبه وطلب منه أن يوصلها إلى منزل أهلها ,وكان طوال الطريق ينظر إليها ويتعجب من الجمال الذي حباها الله به ,بل وقع حبها في قلبه من أول وهلة ,وحين وصلت إلى وجهتها ,طلبت منه أن يتوقف ,وأشارت إلى منزل أهلها ,وقبل نزولها من السيارة ,صارحا بحبه وتعلقه بها ,ثم طلب منها رقم هاتفها ,فأجابته أنها لا تمتلك هاتفا ,مما أثار في نفسه الدهشة والاعجاب ,فكيف بفتاة بهذا الجمال ,وفي هذا العصر لا تمتلك هاتفا ,فأعاد سؤالها مرة أخرى قائلا : كيف لي أن ألقاك مرة أخرى ,فقالت :
بإمكانك أن تعود الساعة السادسة غدا وستجدني بانتظارك في نفس المكان.
وبات ليلته يعد الساعات والدقائق استعدادا واستعجالا للقاء الموعود ,وفي الوقت المحدد ,حضر الشاب فوجد الفتاة تنتظره ,ثم صعدت الى السيارة ,غير أنها أخبرته بأنها لا تستطيع الذهاب معه وعليه التوقف في مكانه بالقرب من بيت أسرتها ,فاستجاب لطلبها وأوقف سيارته بجوار "بقالة" قريبة ,حيث أحضر قنينتين من الماء المعدني وجلسا يتبادلان الاحاديث ,واستمرا على هذا اللقاء واقتصرا عليه لمدة أسبوعين ,والشاب يزداد إعجابا وتعلقا بهذه الفتاة المحافظة ,ثم أخبرها بأنه ينوي العودة للعاصمة من أجل إحضار أفرادٍ من أسرته لخطبتها ,فلم تُمانع.
سافر الشاب الى نواكشوط وعاد بأهله لنواذيب ,وفي المساء أخذت النساء زينتهن استعدادا للخطبة ,وتوجه الجميع الى أسرة الفتاة ,حيث رحبت الاسرة بالضيوف وعاملوهم معاملة حسنة ,ثم بدأ الحديث من قِبل أسرة الشاب قائلين :
الامر أمر خير ..أتيناكم نخطب إبنتكم لابننا ..بدا الارتباك والتعجب على وجه السيدة "صاحبة المنزل" ,وأجابتهم : لا توجد نساء هنا غيري ,فمَن تقصدون ,قالوا نقصد إبنتكم فلانة.
فلانة ابنتي..هل تمزحون؟؟
رحمها الله ,لقد تُوفيت ,فاسترجعوا وأبدوا الحزن والأسف ,وقالوا : متى توفيت؟
أجابتهم : قبل 5 سنوات ,فاندهشوا وعادوا إلى الشاب وأخبروه القصة ..فقال لهم قد كذبوا عليكم ,إنها حية ترزق ,ولديّ شاهد على ذلك ,إنه صاحب البقالة الذي كنا نتوقف بجواره ونشتري منه ,وقد رآنا معا عدة مرات ,وسأسأله أمامكم ,فهيا بنا إليه لتعلموا كذبهم وبهتانهم ,ولما وصلوا البقالة ,جرى الحوار التالي مع صاحبها :
((انت يبويَ امالي كنت كل انهار انجيكْ ونشري من عندك وامعاي اشويبه؟
كَـالو واللهِ يغيرْ كنت اتجيني ألاَّ وحدك وتوكَـف واتَّم ألَّا اتردْ امع راصك واتموتْ بيك الظحك وحدك وكنت شاك عنك الَّا مانك امصحح)).
من صفحة المدوِّنة/ Sara Ahmed