لا أعرف الرجل ,ولم ألتق به في حياتي إلا مرة واحدة لقاء قصيرا حين زرت ـ وللمرة الوحيدة ـ إدارة الامن الوطني لتوقيع ورقة تخصني ,لكنني تتبعت أخباره ,وحرصت على معرفة المزيد عنه ,فمثله جدير بالاهتمام به والاشادة بأعماله.
دخلت على المفوض المراقب سيدي ولد باب الحسن ,وكان وقتها يشغل منصب مدير الامن السياسي بالادارة العامة ,فاستقبلني بوجه طلِق ,ورحب بي وسأل عن حاجتي وقضاها على الفور ,وأنهى معاملتي بسرعة ,والبشاشة لا تفارق محياه.
ليست هذه المقدمة الا مدخلا لِما بعدها ,وافتتاحية لِما أريد قوله في حق شخصية كانت تشغل أهم وأخطر المناصب الأمنية العليا في الدولة خلال سنوات كانت البلاد فيها تعيش على صفيح ساخن وبركان ثائر بسبب العمليات الارهابية والاضطرابات والثورات الاقليمية المحيطة بنا من كل جانب.
لقد استطاع هذا الرجل الهادئ ,الخلوق أن يقود العمل الامني في تلك السنوات المضطربة ويصل بالبلاد إلى بر الامان دون أن تختفي تلك الابتسامة من على وجهه ,رغم ما يواجهه من صعاب في كل ساعة من الليل أو النهار.
سيدي ولد باب الحسن ,إسم اقترن بالهدوء والصبر والشجاعة والتفاني والاخلاص ,إسم سيذكره المواطنون الموريتانيون بكل فخر ,ولن ينساه المخربون والارهابيون والخارجون على القانون الذين كان لهم دوما بالمرصاد ,فأحبط مخططاتهم ,وجلبهم إلى العدالة بحنكته وحسه الامني المرهف,وتتبع خطاهم داخل البلاد وخارجها.
وللذين لا يعرفون الرجل ,أقول : إن المفوض المراقب سيدي ولد باب الحسن رجل من معدن نادر ,فهو يجمع بين الحسم والحزم واللين والصرامة ,مع خُلق رفيع ألبسه مهابة ومحبة في القلوب ,إن المجتمع يحتاج إلى هذا النوع من الموظفين المخلصين الذين جعلوا من خدمة وطنهم هدفا وغاية ,وجعلوا من النبل والقيم نبراسا ,فجمعوا بين حسنتي الدنيا والآخرة فتركوا أثرا طيبا في النفوس وسجلا حافلا في دفاتر الاخلاص والتضحية.
ولد باب الحسن تم نقله الآن إلى وظيفة أخرى ومهمة وطنية ثانية ,ولا شك أنه سيبلي بلاء حسنا فيها , فهو لا يبالي بالصفة ولا بالمناصب ,بل همه الاوحد أن يخدم وطنه ومواطنيه من أي موقع كان ,ولا شك أنه سيترك بصمته الخاصة أينما حل ونزل ,وطوبى لِكل مَن كانت تربطه علاقة عمل ـ رئيسا كان أو مرؤوسا ـ بالمفوض المراقب/ سيدي ولد باب الحسن فسيكون له نعم الاخ والصديق والزميل.
جزى الله سيدي ولد باب الحسن خير الجزاء عن وطنه ,وأمد في عمره ,ووفقه وسدد خطاه.
بقلم / محمد محمود محمد الامين