لص ظريف لكنه تقي ومحظوظ

أربعاء, 05/02/2020 - 21:46

يحكي أنه كان هناك شاب تقي لكنه يعتريه شيء من الغفلة، فذهب إلي أحد العلماء يطلب على يده العلم، فكان أول ما قال الشيخ له ولزملائه في الدرس :

” لا تعيشوا عالة على الناس، فإن العالم الذي يمد يده إلي أبناء الدنيا لا خير فيه، وعلى كل واحد أن يذهب ويعمل بالحرفة التي كان يعمل بها والده، وليتق الله فيها ” ..

خرج الشاب من الدرس متحمساً وذهب إلي والدته فسألها عن الحرفة التي كان يعمل بها والده المتوفي، فبدا على المرأة القلق والاضطراب وقالت : ” قد ذهب والدك رحمه الله، فلماذا تبحث عن الحرفة التي كان يعمل بها ؟ فأخبرها الشاب بما يريد وألح عليها كثيراً ليعرف الحرفة الخاصة بوالده ...حاولت أن تتهرب من الإجابة على سؤال ابنها لكنه ظل يلح عليها حتى اضطرت للحديث، فأخبرته رغماً عنها أن والده كان لصا. .

حزن الشاب ورد عليها في انكسار وحزن : إن الشيخ يريدنا أن نعمل بنفس حرفة آبائنا، وأن نتقي الله فيها، قالت الأم في غضب : ويحك، وهل هناك شيء يُدعى التقوي في السرقة ؟ وكان الولد مغفلاً نوعا ما ,فقال لها : هكذا قال الشيخ وهذا ما أقتنع به .. وبالفعل ذهب الولد وأصبح يسأل ويتعلم ليعرف كيف يصبح لصاً سارقاً، وعندما شعر أنه احترف هذه المهنة أعد العدة وصلى صلاة العشاء وانتظر حتى نام الناس، وخرج ليسرق كما كان يفعل أبوه وكما أمره الشيخ، حسب ظنه .

قرر في نفسه أن يبدأ ببيت جاره، وهمَّ أن يدخله ,لكنه تذكر أن الشيخ قد أوصاه بتقوى الله، فقال في نفسه إنه ليس من التقوى أن يقوم الانسان بإيذاء جاره وسرقته، فتخطي هذا البيت ومر ببيت آخر وهمَّ بسرقته، لكنه تذكر أن هذا البيت بيت أيتام، والله عز وجل حذر من أكل مال اليتيم، وظل اللص التقي يمشي ويتخطي المنازل حتى وصل إلي دار تاجر غني بدون حراسة وكان يعلم كل الناس أن هذا التاجر لديه الكثير من الأموال والمجوهرات التي تزيد عن حاجته، وهنا قال اللص في نفسه : ” هذا هو المنزل المناسب، وبالفعل تمكن اللص من الدخول إلى المنزل فوجده واسعاً ومليئا بالغرف والأثاث الجميل، ظل اللص يسير بين الغرف حتى وجد صندوقاً مملوءا بالذهب والفضة، فهم بأخذه، لكنه فكر أن هذا التاجر من الممكن أنه لم يخرج زكاة أمواله، فأخذ الدفتر وأخذ يراجع الحسابات فأحصي الأموال وحسب مقدار الزكاة ونحي مقدراها جانياً، عاملاً بنصيحة الشيخ وهي تقوي الله في العمل .

وعندما همَّ اللص بالسرقة أذَّن المؤذن لصلاة الفجر، فقال اللص في نسه : تقوي الله تقتضي الصلاة أولاً، فقام وتوضأ وأقام الصلاة، فسمع التاجر الاقامة ورأى بعينه اللص يقيم ويصلي فتعجب، وكان صندوق الأموال مفتوحاً بجانبه ، فسألته زوجته : ما هذا، فأجاب التاجر في دهشة : والله لا أدري، وأسرع إلي اللص يسأله من أنت وماذا تفعل هنا ؟ فأجاب اللص : الصلاة أولاً ثم الكلام، وأنتظر حتى توضأ صاحب الدار وصلي به لأن الإمامة تكون لصاحب الدار، وبعد أن أتما صلاتهما، سأله التاجر : أخبرني من أنت وماذا تريد، فأجابه : أنا لص !

إندهش التاجر من الرد، وقال له : وماذا تفعل بدفاتري، فأجابه اللص : أحسب الزكاة التي لم تخرجها منذ 6 سنوات وقد حسبتها الآن لوضعها في مصارفها، كاد التاجر ان يجن من فعل هذا اللص، وسأله في غضب : هل أنت مجنون ؟ ماذا تريد مني يا هذا ؟ فأخبره اللص التقي بحكايته كلها، وعندما سمع التاجر قصته أعجب به كثيراً، وقال له : لدي بنت، ما رأيك لو تتزوجها وأجعلك كاتباً وحاسباً عندي، وأسكنك أنت وزوجتك في داري وتكون شريكي في تجارتي، فوافق اللص وعاش في سعادة وهناء..والسبب تقوى الله عز وجل .

من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب(صدق الله العظيم)

  

         

بحث