السهل الممتنع في لغن
قال الأديب الشيخ ولد مكي (رحمه الله) إنك إذا سمعته تظن ان بإمكانك أن تقول مثله وأنت لا تستطيع، أو تظن أنك قد سمعته وأنت لم تسمعه من قبل، وعرفه أنه هو “الأدب”، بعد أن قسم الشعر الحساني إلى ثلاثة مراتب، هي: لغن والبدع والأدب.
والسهل الممتنع في الشعر كما عرفه كثير من الأدباء، هو النظم الذي يبدو في ظاهره سهلا للغاية وهو في حقيقته صعبا جدا أو العكس.
لم يقدم الشيخ ولد مكي - في لقاء صحفي نشر في التسعينيات- إلا نماذج قليلة صنفها ضمن الأدب، ومنها طلعة ولد سعيد ولد عبد الجليل.
حَدْ اكْصَرْلِ ذَ الدَّهْرْ اگْطَــارْ = الدَّمْعْ اعْلَ دَارْ انْبَطَـارْ
حَكْ انْ ذَاكْ اعْلَ مثْلِ عَــارْ = ءيگْدرْ يَكْصَرْ حَدْ اتْوَاسِـيـهْ
غَيْرْ اگْطَارْ الدَّمْعْ اعْــلَ دَارْ = انْبَطَارْ ابْلاَ غَرْظِ فِيــهْ
فـ الْحَگْ انِّ متْفَگَــــدْ شِ = فَمْ اعْيَـيْتْ انْــرَاهْ أَبَدِيـهْ
وايْتَمْ الدَّمْـعْ أَلاَّ يمْــشِ = مَـاهُ گَــاعْ آنَ لمَّشِيــهْ
وقال عن نفسه إنه لم يقل إلا طلعة واحدة من هذا الأسلوب وهي :
إلى عاد الدهر اعل حال = الدهر أل نعرف مزال
وابلا باس أوعيدْ التحجال = وابلد فيه الناس التنكاس
مزال ءمزال إلى كال = أل يبق حد ابلا باس
ءان بعد ألان مقيس = أل نبق نوعد بقاس
وامن الناس النختير انكيس = ألا ذاك الفيه أمن الناس
والمتتبع لهذا الأسلوب يلاحظ خلوّه من التعقيد اللغوي، ويتميز بسهولة إدراك المعنى، كما يلاحظ فيه عدم التكلف خاصة في استعمال محسنات في غير محلها.
گد ال فيه ابرگ يلمع = تعطِ واتخوَّف واطمَّع
معطاك امونك وإسلّع = وابلا مَن ءحجت تسلاع
ءتخوافك حگ ان يخلع = ءتطماعك فوگ من التطماع
ءذ من ش كامل فيك اتفاگ = من تخوافك لِ والتطماع
ما خلاهَ بي تظياگ = ءُلا خلاهَ بي تساع
السهل الممتنع هو رحلة إبحار هادئة من بداية النص حتى نهايته، لذا لا تحتاج إلى موسيقى داخلية و تتطلب انتقالا سلسا في الأفكار، واختيارا دقيقا في المعاني، وقد تتضمن بعض الأحيان عنصر مفاجأة، مثل طلعة امحمد ولد هدار.
يحدْ أمـﮔـاف شور التلْ = لحگلِ لـ امحمدْ لمينْ
عنُّ بعد اطفل متعـــدلْ = غيرْ الكذبْ الّ ماهُ زينْ
لحـﮔـلُ عن كذبَ حمرَ = اعياتْ اتخصـرْ ولْ امـرَ
ءُلَحـﮔـلُ عنْ هــاذِ غدرَ = وانُّ ما زين اعليه امنينْ
نكفرْ لِ فنويبَ صفـرَ = بافوكْ اندوروهْ الـْ لعوينْ
إﮔـومْ أيرسلِّ بـﮔرَ = فيهَ عـكّ واللّ ثنـتيـنْ
ويتميز أدب مدرسة أهل هدار عموما بابتكار المعاني ونحتها أحيانا.
ويعتبر محمد ولد أحمد يوره رائد مدرسة السهل الممتنع في الأدب الحساني، فـ “أغناه” تذوقه النخبة والعامة في نفس الوقت، فغالبا ما تشكل كلماته وقعا خاصا في نفس المتلقي حتى وإن لم يفهم المعنى الحقيقي المراد بها.
والأمثلة من أدب أمحمد ولد أحمد يوره كثيرة جدا ومشهورة ونختم له بهذا النص :
ادويرت تنوكـت افلكصـار = ادويرَ تنكًــــاس ء تــنـــزار
والدار اللي كًبلت عمـار = فوك اتكًيْليلتْ علب ابجـوك
ذيك الدار إيفوتُو لعـمـار = والعكًل امن اغلاهَ مضـنـوك
ء عالم مـلانَ عنـــــهَ دار = امن اديـارات الدنـــيَ ذوك
بقلم/ أحمد أمين اباه