تعودنا في هذا البلد على احتقار المسؤولين للشعب و اعتمادهم في تمرير جرائمهم على سهولة إقناع الصحافة و تواطئها أحيانا ، بما يوحي بأن ليس لديهم ما يخفونه و أن معاركهم الوهمية بطولات حقيقية:
لأن أصحاب الصيدليات هم الأضعف ، رد الوزير بصرامة زائدة ، حين سئل عن قانون المسافة: "لدينا قانون واضح بهذا الشأن و علينا تطبيقه"، بمعنى أننا إذا كانت لدينا قوانين نتجاوز تطبيقها ، لن نستطيع أن ننجز أي شيء في الحياة. و هذه حقيقة لا مراء فيها.
و لأن أباطرة تجارة الأدوية المغشوشة و المزورة و منتهية الصلاحية و على رأسهم كاميك و شخصيات فاعلة في وزارته و في البرلمان و رجال أعمال و مسؤولين كبار في الدولة ، قال الوزير حين سئل ، كيف يتم حرق جبال من الأدوية المزورة و المغشوشة و لا نرى متهما واحدا ؟: "سنغلق جميع الصيدليات إذا طبقنا القانون" .
فهل نؤيد معالي الوزير على الصرامة في تطبيق القانون أو الصرامة في تجاوزه؟
هل أصبح وزير الصحة هو المسؤول عن تقييم القوانين و تفعيلها و تعطيلها؟
عصابات الأدوية المزورة و المغشوشة قتلوا آلاف البشر في بلدنا و من يبرر تركهم بهذه الحجة السخيفة الواهية ، نفهم من كلامه فقط أنه عاش طويلا في قلب هذه المأساة و لم يعد يشعر بألمها من فرط التعود.
الدولة يا وزير الصحة هي وحدها من تملك القوة القهرية وهي وحدها من يحق لها استخدامها وهي يا معالي الوزير من تستخدمها في بلدنا بإفراط يمنعه القانون ضد المظاهرات السلمية ووقفات الاحتجاج المسالمة ، فكيف تعجز عن فرض الاستمرار كما تشاء، على الصيدليات؟
والباعة في الصيدليات يا معالي الوزير قد يتهمون بالقصور و عدم التخصص لكن لا علاقة لهم بتزوير الأدوية وغشها وإيرادها ، تلك جرائم تعرف أصحابها جيدا ويعرفهم الجميع من حولك وتعرف يا معالي الوزير أنك لا تستطيع لا حتى التلميح الخجول إلى وجودهم و من يسألونك من الصحافة يعرفون أسماءهم واحدا واحدا ، إذا لم تكن صحافة قادمة من المريخ .
ثم كيف يقول وزير الصحة حين يسأل عن جبال الأدوية التي تم حرقها، إن من حق الصيدليات أن تحتفظ بمخزونها المتعفن من السموم القاتلة؟ على من تضحك يا رجل؟ كيف يمكن إثبات أي جريمة في الكون إذا تم تتفيه الدليل المادي (الأقوى في كل قوانين البشرية) إلى هذا الحد المخجل؟
عجيا لهذا المنطق !!
بقلم/ سيدي علي بلعمش