تفيد توقعات اكتشافات الغاز الطبيعي في مياه الأطلسي قبالة سواحل الغرب الإفريقي خاصة لكل من بلادنا والجارة السنغال، باحتمالية اكتشاف المزيد من حقول الغاز مستقبلاً، وحتى الآن تم تأكيد ثلاثة حقول غازية كبيرة، وهي : حقل بئر الله في موريتانيا الذي قدرت احتياطياته بحوالي 50 ترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وحقل تورتي آحمييم المشترك بين البلدين، والذي تقدر احتياطياته المؤكدة بحوالي 15 ترليون قدم مكعب، وقد وصل هذا الحقل إلى مرحلة القرار النهائي للاستثمار للمرحلة الأولى بداية العام المنصرم، أما الحقل الثالث فيقع في السنغال، وهو حقل تيرانجا ياكار (Yakaar Teranga ) مع 30 إلى 50 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي.
هذه الاكتشافات شبه المؤكدة وغيرها ترفع احتياطي البلدين إلى حوالي 20% من إجمالي الاحتياطي الإفريقي، وتؤهلهما مستقبلا للعمل على تشكيل قطب اقتصادي تنموي متميز في شبه المنطقة يحقق وحدة المصير المشترك للبلدين، ويلبي طموحات الشعبين الشقيقين في الرخاء والازدهار.
لكن اليوم تبدو غيوم سباق التسلح مظلمة في الأفق على ضفتي النهر في كلا البلدين، حيث بات كل بلد على حدة يسعى إلى تجديد ترسانته العسكرية خاصة من القطع البحرية، وذلك لحماية الثروة الغازية وتحصينها ضد تهديدات المجهولة المصدر.
حيث أبرمت الحكومة السنغالية مؤخرا صفقة لشراء ثلاث قطع بحرية صغيرة من "كيرشيب" الفرنسية لصناعة السفن الحربية من طراز OPV58، قادرة على الإبحار لمسافة 4500 ميل بحري، وتصل سرعتها إلى 21 عقدة، وقدرة بقائية 25 يومًا مع طاقم من 24 شخصا، وستكون أول القطع في الأسطول السنغالي المزودة بأربعة صواريخ دقيقة الموجهة المضادة للسفن، وثلاث صواريخ للدفاع الذاتي من نوع ميسترال (Mistral) ، بالإضافة إلى مدفع أمامي سريع الطلقات ذو عيار ال76 ملم قادرعلي التعامل مع الأهداف الجوية و البحرية و السطحية، وكذلك المدفع البحري 20 ملم (Nexter Narwhal) يعمل بالتحكم عن بعد بالكامل، و رشاشان أوتماتيكيان من عيار12.7 ملم. وكانت موريتانيا قد استلمت مطلع يوليو المنصرم من الصين سفينة "النيملان"، أكبر سفينة عسكرية في تاريخ البحرية الموريتانية بإزاحة تصل إلى 1750طنا.
سباق التسلح هذا في حالة استمراره وتمدده إلى القطاعات العسكرية الأخرى ستكون له عواقب وخيمة على مستقبل تعاون البلدين في مجال استخراج الغاز من الحقل المشترك، كما أن صفقات التسلح قد تمتص جزءا كبيرا من عائدات الغاز التي يعول عليها مواطني البلدين الكثير في تحسين ظروفهم المعيشية.
وقد تكون تصريحات فخامة رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني خلال مقابلته الأخيرة مع صحيفة سنغالية وتعهده، بأن تكون عائدات استغلال حقول الغاز الطبيعي في موريتانيا في خدمة الاقتصاد الوطني نوعا من طمأنة الجارة السنغال، التي بالغت في تسليح سفنها بأسلحة وإن كانت تستخدم في عمليات الحرب البحرية ضعيفة الكثافة، إلا أنها لا تنسجم فقط مع المهام المدنية والعسكرية في المراقبة البحرية، ومكافحة التهريب والقرصنة.
د.يربان الخراشي