لا تزال الاحتجاجات المستمرة في العراق ولبنان محل اهتمام بارز في الصحف العربية، ويرى كُتّاب أن ما يجري في البلدين موجّه أساسا ضد إيران و"مشروعها التوسعي" في المنطقة، بينما يقول آخرون إن المشكلة الرئيسية في البلدين هي طبيعة النظام السياسي الذي يوزع المناصب السياسية العليا وفقاً للطوائف.
"معضلة" النظام الإيراني
يقول فالح الحمراني في "المدى" العراقية إن الأوضاع الحالية في كل من العراق ولبنان ستؤثر في إيران و"طموحها لنشر نفوذها في المنطقة"، مضيفا أن الوقت قد حان لطهران كي تعلن "الحداد على خططها التوسعية".
ويقول خيرالله خيرالله في "العرب" اللندنية إن "إيران تسعى إلى وضع يدها على العراق بشكل نهائي".
ويضيف: "قرّر العراقيون أخذ زمام أمورهم بأيديهم، تماما كما قرّر اللبنانيون، الذين اكتشفوا في أكتوبر/تشرين الأول 2019 أنّهم يعيشون في ظلّ عهد 'حزب الله'، النزول إلى الشارع والمطالبة بتغييرات كبيرة بدءا بتغيير الحكومة".
ويرى الكاتب أن أهمية ما يجري في العراق تكمن في أنه "موجّه ضد إيران، مباشرة وعلنا، وضدّ مشروعها التوسّعي".
ويرى محمد مبارك في "أخبار الخليج" البحرينية أن النظام الإيراني أمام "معضلة كبيرة".
ويقول مبارك: "معضلة النظام الإيراني الأولى في كل من لبنان أو العراق هو مزيج الفسيفساء الذي جمع السُنّة والشيعة والمسيحيين وغيرهم في ميدان واحد، وبذلك فإن العزف على وتر الطائفية والتدخل الخارجي والعناصر المندسة بات منسوفاً منذ البداية. أما المعضلة الثانية فهي أن الحشود التي تخرج اليوم في ميادين لبنان والعراق، إنما تضع النظام الإيراني في مقدمة أعدائها، وتعتبر ما يقوم به من تدخل سافر وسيطرة على مختلف مفاصل الحكم إنما هو سبب ما يمر به الناس في البلدين".
ويضيف الكاتب: "يستشعر النظام الإيراني خطر المرحلة الحالية، فهي حتى وإن لم تنته بتحقيق مطالب الحشود التي خرجت من فرط شعورها بالقهر والفقر، فإن المحصلة النهائية تقول إن كل ما حاول النظام الإيراني أن يستثمره من أجل النفوذ والسيطرة والتأثير قد سقط سقوطًا سحيقًا".
ويقول خالد بن حمد المالك في "الجزيرة" السعودية إن ما يجري في العراق ولبنان "من خلال الأصوات المنددة بتدخل طهران في شؤون دولنا الداخلية، وكذلك من تمزيق المتظاهرين للأعلام الإيرانية ولصور الزعماء الإيرانيين ... هو تأكيد على عروبة الشعبين الشقيقين، حتى وإن اندست عناصر عميلة بين المواطنين، بل حتى مع تسليم مراكز القيادة لوكلاء إيران هؤلاء، فهؤلاء قلة لا تؤثِّر في المسار العروبي للدولتين".
المشكلة في النظام السياسي؟
من أوجه التشابه بين الاحتجاجات الحالية في العراق ولبنان، ما ذكره شملان يوسف العيسى في "الاتحاد" الإماراتية عندما قال: "إنها تجاوزت الخطوط الطائفية التي ابتلي بها كل من العراق ولبنان منذ فترة طويلة، إذ لأول مرة نشاهد وحدة شعبية حقيقية في البلدين، فالشباب المتظاهر أدرك بوعيه الوطني أن السني والشيعي والمسيحي والكردي والدرزي وغيرهم، مواطنون يعيشون ظروفاً مشتركة تتصف بالمعاناة وتتطلب تحسين مستوى معيشتهم جميعاً".
ويرى الكاتب أن "المشكلة الرئيسية في البلدين تكمن في طبيعة النظام السياسي الذي يوزع المناصب السياسية العليا وفقاً للطوائف".
ويقول عبد الباري عطوان في "رأي اليوم" اللندنية: "إذا كانت المَوجة الأولى من الاحتِجاجات التي اجتاحت بعض الدول العربيّة في أوائل عام 2011 أطاحَت بمُعظم الانظمة الديكتاتوريّة، بينما أطاحَت الثانية التي اندَلعت شرارتها في السودان والجزائر قد أسقطت حُكومات عسكريّة من الجيش، فإنّ الموجة الثّالثة التي نشهد انفجارها في لبنان والعِراق تستهدف أنظمة 'ديمقراطيّة'، اعتقد القائمون عليها أنّها مُحصّنة، سواءً بدعم قِوى خارجيّة أم بسبب ديمقراطيتها الطائفيّة".
ويضيف الكاتب: "السيّد سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني، جرى إجباره على الاستقالة، سواءً لعدم قُدرته على التّجاوب مع مطالب المُحتجّين، ووصوله إلى طريقٍ مسدودٍ أثناء مُحاولاته إيجاد مخارج من الأزمة، أم بتعليماتٍ خارجيّة ... ولكن نظيره العِراقي عادل عبد المهدي الذي يُوصَف بأنّه أضعف رئيس وزراء عِراقي مُنذ الغزو الأمريكي، فما زال صامِدًا في موقعه، والفضل في ذلك يعود إلى اللّواء قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني"، على حد قوله.
بي بي سي