كان يخرج إلى عمله في إحدى الشركات الساعة السادسة صباحا ليستطيع أن يصل الساعة السابعة بعد معاناة من زحمة السير..ثم يخرج من عمله الساعة الثانية ظهرا ليعود إلى بيته مكفهر الوجه جاحظ العينين من شدة الإرهاق..متأبطا ملفات ليكملها في بيته..كان مخلصا جدا في عمله..لا يتدخل في عمل أحد ويفعل ما يؤمر بعمله..حياته روتينية بحتة ،ومع ذلك لم يتذمر يوما (أو كما يقولون بدُّه يستر حاله)..
تمضي الأيام تباعا من اول الشهر الى آخره.. الشيب غزا رأسه والتجاعيد صنعت أخاديد في وجهه..لا جديد.. الوجوه نفسها..الملل نفسه..الملفات والمعاملات نفسها..أصبح يضرب بيده وهو نائم وكأنه يضع الأختام على المعاملات ..ضجرٌ كبير..حياته ضجر كبير فعلا..مفردٌ هو، يتشتت حيناً، ينفصل، تُجزئه فواصل ونقاط غزيرة, لكنه يرفع العناد سلاحاً يبتر به جسداً يزعمه كامل اللغة، يضعه في غلاف أنيق، ويحفر اسمه عليه.
"كثير من الناس فسدت مَعِداتُهم.. أولئك الذين لا يعرفون شيئا عن سعر الطماطم مثلا ويتبعون طريقة ماري انطوانيت في أكل البسكويت الفاخر المغطى بالشوكولا..لطالما غُذوا بالحلوى واللحوم وهم لا يعرفون عن الزيت والزعتر شيئا.. أما آن الآوان لهم أن يتناولوا الآن أعشابا مرة ولاذعة..ليستفيقوا من دلالهم.."
" ستكونون بعد موتكم ما كنتم عليه قبل ولادتكم"
اليوم ، والمشكلة الأكبر في الزواج هو أن تلبي بدخل واحد احتياجات زوجتك واحتياجات الدولة..وهاهو صاحبنا يناضل ليَفي بكل تلك الاحتياجات...
قبل انتهاء الشهر الفعلي للعمل قام المدير المسؤول بعمل مسابقة من خلال لغز، وكان الشرط أن حل اللغز هو شرط ترقية الموظف في العمل..كان مديرا ساديا ،يريد أن يثبت نفسه على حساب المستخدمين الضعفاء..كان اللغز يقول :
شيء تسمع به ولا تراه، فما هو؟
اللغز كان صعبا على ذلك الموظف الملتزم بكل قواعد الوظيفة..ومع الأسف فإن الجميع استطاعوا أن يجيبوا على اللغز إلا هو!!..كان يعرف جوابه , لكن الخوف تملكه ..كتب في ورقة الاجابة...لا أعرف!!
بعد أيام جاءه خبر مفاجىء مفاده: تم ترقيتك إلى رئيس قسم..طبعا هو الوحيد الذي تمت ترقيته..والسبب أنه لم يجب على اللغز الذي إجابته كانت مصدر إزعاج للشركة، فما هو هذا اللغز؟؟
اذا كنتَ ذكيا ستعرف الاجابة من خلال المقال!!
ماهر باكير