
تمتلك موريتانيا تاريخا طويلا مع الهيدروكربونات استكشافا واستغلالا حيث بدأ البحث عنها منذ الستينات الي يومنا هذا وتوجت اول رخصة بحث الى قرار استثمار تطوير حقل نفطي نهاية التسعينات وبدأ استغلال حقل شنقيط النفطي سنة 2006 الي نهاية سنة 2017 مع وودسايد ثم بترناس وهو نفس مسار حقل السلحفاة الكبير آحميم الغازي المشترك مع السنغال 2018 الذي بدا استخراج اول شحنة غاز منه آخر يوم من سنة 2024 ويشترك حقل شنقيط و حقل السلحفاة الكبير آحميم المكون من 4 آبار انتاج بعمق 5000 م للبئر مع بي بي و كوزموس بانهما حقول بحرية وهنا فإن تجربة استغلال النفط كانت نموذجا نستفيد منه في استغلال الغاز الطبيعي من عدة جوانب
1.الاحتياطات ،الإنتاج ،المداخيل
كانت احتياطات حقل شنقيط النفطي تقدر 123 مليون برميل وتوقع انتاج 75 ألف برميل يوميا أي أكثر من 250 مليون برميل/سنويا على مدى 10سنوات الا ان الإنتاج بدأ بتراجع واضح للأسف لأسباب فنية وتعقيدات جيولوجية وكان مجموع انتاجه41 مليون برميل طيلة 10سنوات حصلت موريتانيا منها 450 مليون دولار كمداخيل
اما السلحفاة آحميم تقدر احتياطاته ب 25 ترليون قدم مكعب ووتيرة انتاج 2.5 مليون طن سنويا من الغاز المسال ضمن المرحلة الأولى الى ان تصل 10 مليون طن سنويا في المرحلة الثالثة وتقدر التوقعات الاولية حصة موريتانيا بأكثر من100 مليون دولار سنويا مداخيل مباشرة
2.المحتوى المحلي
*البنى التحتية للتخزين والتوزيع
انتهى عقد النفط الوحيد دون بناء مصفاة نفط من أي حجم ولا ترميم واستغلال مصفاة نواذيبو او بناء مخازن للمحروقات السائلة فسعة التخزين اليوم حدود 330 ألف طن والبلاد تستهلك أكثر من مليون طن سنويا من المحروقات هنا مع الغاز الطبيعي نخاف من نفس التجربة النفطية اذا لم نبنِ محطات لتخزين الغاز وتهيئة ربطها بأنابيب تزويد او محطة معالجة غاز مسال ونحن لدينا ميناء انجاكو يمكن جعله قطبا لطاقة تخزين وتوزيع المحروقات السائلة والغازية وطنيا وإقليميا على غرار اسبانيا التي لا تمتلك سوى منصات للتخزين وموانئ للشحن وبموقع انجاكو من نهر السنغال يمكن بناء خطوط نقل عبر الملاحة في نهر السنغال
*انتاج الكهرباء
حددت اتفاقية استغلال السلحفاة آحميم توجيه 35 مليون قدم مكعب من الغاز للاستهلاك المحلي بالتساوي بين موريتانيا والسنغال وبلادنا موّلتْ في المراحل الاولى تشييد محطة انتاج كهرباء 200 ميغاوات بالغاز مما يعني عدم استفادة موريتانيا من هذه الحصة مع انطلاق المشروع والحاجة ملحة لإنتاج المزيد من الكهرباء في أسرع وقت بإذن الله لتطوير قطاعات أساسية من الاقتصاد الوطني كتكرير الحديد وصناعة الصلب ،والبلاد تصدر 13 مليون من خامات الحديد والامونيا لإنتاج الأسمدة لرفع الإنتاج الزراعي...
*التشغيل ونقل الخبرة
تشكل البطالة عبئا كبيرا يثقل كاهل الدولة الموريتانية وتمثل نسبة 12% من السكان ومن اجل خفض هذه النسبة ظل استيعاب العمالة محدودا في الصناعات الاستخراجية البترولية سواء المهن البسيطة او الأطر في مجال النفط والغاز كالمهندسين في اعمال الحفر والمسوح الزلزالية والبتروكيمياويات والامن والسلامة وقانون الاعمال والعقود والمحاسبة واللوجستيك.....
إن مرتنة هذه الوظائف والمهن يتطلب من الحكومة انشاء معاهد متخصصة تؤهل الفنين والمهندسين وتقدم تكوينا مستمرا على مهن النفط والغاز واكتتاب متدربين ميدانين على منصة الإنتاج والمعالجة من اجل حصولهم على خبرة تكسبهم شغل المناصب التي يتدربون عليها فور شغرها او مع عمليات استكشاف واستغلال جديدة ان شاء الله ،وقد مكنت عمليات تطوير السلحفاة آحميم من 3000 فرصة عمل
3.البيئة والمسؤولية الاجتماعية
تمتلك موريتانيا بيئة بحرية على طول 700كلم من شاطئ الأطلسي بها حياة بحرية وثروة سمكية متجددة تحتوي اهم مصائد انواع الأسماك المطلوبة عالميا وتحقق رقم اعمال في حدود المليار دولار سنويا ما يجعل المحافظة عليها وعلى بيئتها أهم من النفط والغاز ويعني ان أي عمليات استخراجية وخاصة هيدروكربونية يجب ان تكون على اعلى المعايير البيئية العالمية والمراقبة والتقييم المستمرة للأثر البيئي خلال عمليات استخراج البترول والغاز مخافة تسربهما لا قدر الله وما حادثة خليج المكسيك عنا ببعيد.
لقد كانت تجربة بئر شنقيط النفطي جيدة ولم تسجل خلال عمليات الإنتاج النفطي أي حوادث بيئية بفضل الله ونرجو من الله عدم حدوثها
تستوجب المسؤولية الاجتماعية من هذه الشركات تخصيص بند سنويا من ميزانيتها لدعم المجتمع المحلي القريب من أماكن الإنتاج كدعم جمعيات المجتمع المدني والتعليم والصحة والبيئة والمزارعين الصيادين والمنمين وتشييد أسواق وتوفير الطاقة...وهو مالم يحدث مع استغلال النفط لكن مع الغاز بدأت بوادر مشجعة في هذا الاتجاه
ختاما
هنا فإن الدولة مطالبة بالشفافية وعدم حجب أي معلومة تتعلق بالقطاع ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب لكن علينا ان نكون واقعيين وننتظر عمليات إنتاج الغاز الطبيعي كي لا نقع في صدمة النفط ونبدأ بث امل كوجود حقول اخري ذات كميات معتبرة مثل آبار ولاته وتيوف مقارنة ببئر شنقيط.
ارجو من الله العلي القدير ان توفق البلاد في استغلال أمثل لهذه الموارد ويعم نفعها وتنال موريتانيا مزيدا من التقدم والازدهار.
محمد كابر النينين
معلوماتي ومحلل بيانات قطاعية