ناموا واستيقظوا مبكرا
دخل صديقي وهو يحمل رسالة من مستشار صيني مختص بتطوير المشاريع الصغيرة ، ولقد استعان به بعد أن بدأ مشروعه بالضعف خصوصا بعد إغلاقه لمدة عامين بسبب وباء كورونا اللعين.
ولضعفه الشديد باللغة الإنجليزية لجأ إليّ حتى أقرأ رسالته لعل النصيحة التي سوف يحصل عليها كفيلة بتقديم طوق النجاة له وإنقاذه من مأزقه الذي وقع فيه.
كنت أتوقع أن المستشار الصيني الذي استعان به صديقي سوف يطلب منه أمورا كثيرة ويجب أن ينفذها على وجه السرعة ، وبالطبع على رأسها زيادة الأجور وتقليل ساعات العمل الطويلة وتوفير مستلزمات مختلفة.
فتحت الرسالة ، وإذ بي أجدها مختصرة على نقطة واحدة لا غير ، وهي :
”أجعل العمال ينامون بعد العاشرة مساء وبعدها يستيقظون مبكرا”.
وما ان سمع صديقي ما قلته حتى أصيب بنوبة ضحك هستيرية لعدة دقائق.
صدقا فنحن من مدمني السهر ، بل ان هناك الكثيرين لا ينامون إلا بعد شروق فجر الصباح الجميل ، والأمر ليس مقتصرا على الكبار بل انضم الصغار لهذا الأمر ، تحسبهم كالاصنام أمام شاشات أجهزة ،،الموبايل،، وحواسهم كلها موجهة نحوه.
وجميعنا أيضا ،صادفنا في حياتنا كثيرا مِمّن ينامون في أماكن تواجدهم ، وخلال تنقلي في عدد من الدول العربية وجدت موظفين حكوميين جعلوا من مكاتبهم مكانا للنوم ، وبعد أن يأخذ عدة ساعات من النوم يعود إلى بيته لكي يكمل سهره الذي أعتاد عليه، وحتى أنني قرأت أن حوادث سير مروعة تحدث في مصر ويقع بسببها عدد كبير من الضحايا والسبب أن الكثير من السائقين يواصلون عملهم ليل نهار ولا ينامون الا قليلا مما يؤثر على تركيزهم ويضعفه وهذا يؤدي إلى حوادث مروعة للأسف الشديد.
لا أعرف حقا متى بدأت ظاهرة السهر عندنا ، لكنها متفشية لدرجة لا يمكن أن يصدقها أحد ، ولو كان السهر من أجل أمر مفيد ومهم فأنا لست ضد "قلب الليل إلى نهار " ، لكني أجد السواد الأعظم يسهرون من أجل إضاعة وقتهم على سخافات لا قيمة تذكر لها .
إن السهر معناه خسارة مادية لأن وقت العمل ذهب دون فعل شيء لأن الكثيرين نائمون ، وأجسادنا تضعف وتحديدا مناعتنا لأن أجسادنا لا تأخذ قسطا كافيا من الراحة وهذا معناه أن أجسادنا هشة أمام مقاومة الأمراض.
بقلم/ حسين علي غالب بابان