عبد صالح؟ أم عفريت من الجن؟!
حدثني سائق لإحدى الوكالات قال:
ذات ليلة من أوخر الصيف كنت أقود سيارة الوكالة المستأجرة من قبل أفراد لديهم مهمة مستعجلة على ما يبدو في مدينة تيشيت التاريخية..
كانت الساعة تقترب من الثانية صباحا ونحن نعبر الطريق الرملي الوعر الفاصل بين مركز لخشب والمدينة العتيقة.. فجأة لاحظت عدم توازن في حركة السيارة، لأكتشف بعد التوقف واستجلاء الأمر أن أحد الإطارين الأماميين يوشك أن يكون متعطلا بشكل كلي.. ولم تكن لدي معدات لإصلاحه، فقد غادرت العاصمة أصلا بطريقة مستعجلة، واستلمت السيارة من سائق آخر دون أجد الوقت للتأكد من وجود المستلزمات الضرورية للطوارئ بها..
نزل الركاب -اضطراريا- وتقرر المبيت على الكثبان الرملية حتى الصباح عسى أن تمر سيارة ما، و نجد عندها ما يمكن أن يساعدنا في إصلاح أو استبدال الإطار..
نام الجميع.. وبقيت مستيقظا أعد النجوم، وألعن حظا عاثرا جمعني بهذا الوفد المجنون، الذي فرض علي السفر في طريق مهجور أصلا في رابعة النهار، أحرى في الثلث الأخير من الليل!
فجأة توقفت سيارة بجانبي .. وإذا بشيخ وقور يطل من قمرة قيادتها ويلقي السلام.. بادرت إليه وكلي بهجة بوجود شخص في هذا الوقت من الليل بهذه الصحراء الموحشة.. سألني إن كانت لدي مشكلة.. أجبته..
نزل وأخرج من سيارته الهيليكس القديمة شيئا ما، بعض المعدات .. وبسرعة لا تتناسب مع ما يظهر عليه من شيخوخة أصلح الإطار وشحنه بشاحن رياح يدوي، وأعاد معداته إلى سيارته وودعني بابتسامة عريضة ودعوات بالتوفيق.. كنت عاجزا -من فرط سعادتي وامتناني- عن شكره على هذا الجميل الذي أسدى إلي بعد أن استبد بي اليأس من وجود حل قبل صباح الغد.. وأنا في غمرة مشاعري المتداخلة اختفت السيارة أو غادرت! لا أعرف بالضبط..
أيقظت الركاب وعدت إلى السيارة، وقبل أن أصعد ارتأيت أن أتفقد الإطار لأتأكد من أنه مازال بوضعية جيدة.. كانت المفاجأة أنه لا وجود لأي أثر بجانبه وكأن لم يكن قيد التصليح منذ لحظات!
عدت إلى مكان توقف سيارة الشيخ الوقور.. لا وجود لأثر سيارة أصلا! نظرت في كل اتجاه.. لا ضوء على مد البصر في تلك الصحراء!..
عدت إلى الإطار مرة أخرى لأعرف إن كان قد صلح حقا أم أنني أتوهم.. فوجدته على ما يرام.. ووجدت اللاصق الذي وضع عليه من قِبَل الشيخ قبل قليل كما هو! بل ومازال مبللا بعد أن سكب عليه بعض الماء للتأكد من عدم وجود ثقب آخر فيه!
ركب رفاقي وواصلنا المسير إلى وجهتنا.. وفي اليوم الموالي عدت لتفقد الإطار فوجدته كما كان بعد عملية الإصلاح التي قام بها الشيخ الغامض.. وبقي السؤال الذي يراودني حتى الساعة: من هو ذلك الشيخ الوقور الغريب؟
أهو عبد صالح من عباد الله السواحين في الأرض؟ أم هو عفريت "طيب" من الجن تمثل بصورة وهيئة شيخ وقور ليساعدني ويتوارى في لحظات دون ترك أثر!
من صفحة الإعلامية مغلاها بنت الليلي على الفيسبوك