قانون فريد يهزم تسعة رؤساء فهل ينجح الرئيس العاشر في تغييره؟

خميس, 30/11/2023 - 20:11

جميعنا يعرف أن المجتمع هو عدد كبير من الافراد المستقرين يعيشون معا على أرض معينة و تجمعهم روابط اجتماعية وثقافية ومصالح مشتركة بشكل يتيح لكل فرد منهم السعي وراء مطالبه وأهدافه التي رسمها وفق القانون الذي هو ــ بشكل عام ــ نظام من القواعد التي يتم انشاؤها وتطبيقها من خلال المؤسسات الاجتماعية أو الحكومية لتنظيم سلوك هذا المجتمع ، وتنظيم علاقاتهم فيما بينهم وعلاقاتهم مع الحكومة والدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها، و يحدد العقوبة الرادعة لكل من يتجاوز الحدود الموضوعة له و لم يلتزم بتقديم الواجبات تجاه محيطه.

 

ونعلم أيضا أن القوانين تتأثر بالمجتمعات لكونها لا تأتي من فراغ بل هي ناتجة عن ما يحكم المجتمعات من عادات وتقاليد و أعراف وثقافات وتعاليم دينية ، وهكذا… فكل هذه الأمور لها دور كبير في اثراء القوانين وجعلها قريبة من الأفراد الذين هم أساس وعماد المجتمعات وذلك لاستمرار وجود المجتمع وحمايته وضمان استقراره وتقدمه نحو الازدهار.

 

ونعلم كذلك أن مجموعة القواعد القانونية السائدة في دولة ما هي التي تظهر مدى انسجام هذه الدولة مع المعايير الدولية وبعدها عنها، فالنظام القانوني في الدولة يعكس إستراتيجية الدولة ويحدد برامجها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعلنة لمجتمعها وللعالم من حولها.

 

بعد هذه التوطئة المختصرة أردت للعنوان أن يكون مثيرا بعض الشيئ نظرا لما يحز في نفسي جراء التجاهل وعدم الاهتمام بوضعية نقل الأشخاص في بلادنا ، فنحن نكاد أن نكون البلد الوحيد في العالم الذي يسمح القانون فيه بركوب شخصين مع السائق فى مقدمة السيارات الصغيرة رغم أن المقعد المخصص لذلك واحد ، ويسمح فى نفس الوقت بركوب أربعة أشخاص خلف السائق في السيارات ذاتها.

 

يحدث هذا منذ نشأة الدولة ونحن نشهد في هذه الفترة بالذات اقامة مشاريع وبنى تحتية ضخمة تتعلق بالطرق وما يتعلق بها من انشاء مسارات للحافلات تمهد لنقل حضري في العاصمة نواكشوط سيتمكن من خلاله الطلاب والعمال من الوصول الى وجهاتهم في الوقت المحدد ــ حسب ما شاهدنا من تصريحات للقائمين على هذه المشاريع ــ لينطبق على ما يحدث لدينا في ظل السماح بالقانون المشار اليه والمنظم لحمولة السيارات الصغيرة ما جاء في كلمات الأخوين رحباني من لبنان باللهجة الدارجة ـ عاصي ومنصورـ ( كيف بتمشي حافية وفستانك جديد ) لأنه وببساطة شديدة يتحتم على السلطات المعنية أولا فرض قانون يتماشى مع ما يطبقه العالم بأسره حتى نتمكن بعد ذلك من العمل على تمهيد الأرضية التي سيطبق عليها ذلك القانون.

 

ويبقى السؤال المطروح لدينا هو من المسؤول عن هذا القانون ؟ وفي أي الفترات التى حكم فيها 10 رؤساء من أبناء هذا الوطن ؟ وبغض النظر عن الحاكم الذي تبلور القانون فى فترته وأجازه فهل يبرر ذلك عدم تغييره من طرف الحكام الآخرين من بعده ؟ علما بأن تلك الفترات شهدت تفاوتا زمنيا تجسد في كون بعضها لم يتجاوز سنة واحدة وسجلت أطولها 21 سنة ففي الفترة 1960 ـ 1978 ترأس الرئيس المغفور له باذن الله المختار ولد داداه ، وفي الفترة 1978 ـ 1979 ترأس الرئيس المغفور له باذن الله المصطفى محمد السالك ، وفى الفترة 03 يونيو 1979 إلى غاية 04 يناير 1980 تولى السلطة الرئيس المغفور له محمد محمود أحمد لولي ، وفي الفترة 1980 ـ 1984 تولى السلطة الرئيس محمد خونه ولد هيداله ، وفى الفترة 1984 ـ 2005 تولى حكم البلاد الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع ، وفي الفترة 2005 ـ 2007 تولى السلطة الرئيس المغفور له باذن الله اعل ولد محمد فال ، وفي الفترة 2007 ـ 2008 تولى السلطة الرئيس المغفور له باذن الله سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله ، وفي الفترة 2008 ـ 2009 تولى السلطة بالنيابة الرئيس المغفور له باذن الله مامادو با الملقب امباري ، وفي الفترة ما بين 2009 ـ 2019 تولى السلطة الرئيس محمد ولد عبدالعزيز .

 

وآخر تلك الفترات الرئاسية هي الفترة ما بين 2019 ـ لغاية الآن حيث يتولى الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني السلطة في موريتانيا ولا يزال هذا القانون موجودا ومطبقا وقد أشرفت مأمورية الرئيس الاولى على الانتهاء ــ نصف العام تقريبا ـ فهل سيترشح الرئيس لمأمورية ثانية ليضمن من خلالها هزيمة هذا القانون المعجزة أم أنه سيكتفي بوصفه عاشر الرؤساء مسترشدا بالمثل الحساني ( الموت ف عشرة انزاه ) تاركا لنا قانونا عجيبا لا يصدق وجوده أصلا إلا من شاهده بأم عينه.

 

الدكتور / الحسن أحمد طالب ــ أستاذ جامعي

  

         

بحث