لماذا فشل اتفاق الهدنة في غزة ومن يقف وراء الفشل المفاجئ؟

خميس, 23/11/2023 - 15:25

بعد أن كان من المفترض أن تدخل “الهدنة الإنسانية” في قطاع غزة، في تمام الساعة العاشرة من صباح (اليوم الخميس)، حيز التنفيذ وتتوقف معها أصوات القصف العنيف والمرعب الذي لم يفارق آذان أهل غزة منذ 48 يومًا، ومشاهد الدمار والموت التي عاشوها خلال هذه الحرب الدامية غير المسبوقة، حتى تبخر هذا الأمل بسرعة أكبر بكثير من الأيام التي احتاجها الوسطاء للوصول لاتفاق التهدئة المزعوم.

المعلومات تضاربت بكثرة حول هذا الملف خلال الساعات الماضية، وضجت وسائل الإعلام العبرية “المرموقة” بالحديث عن التهدئة والموعد المحدد (العاشرة من صباح يوم الخميس)، مع بدء إطلاق سراح الدفعة الأولى من “الأسرى” وفق ما تم الإعلان عنه، لكن في اللحظة الأخيرة انقلب كل شيء، وباتت مصير التهدئة غامض.

ورغم أن قطر (الوسيط الرئيسي) بملف الوساطة، حاولت من خلال تصريحات صدرت اليوم عن المتحدث الرسمي باسم وزارة خارجيتها، ماجد الأنصاري، بان “الإعلان سيتم خلال ساعات عن موعد الهدنة الإنسانية، وأن المحادثات تسير بشكل إيجابي”، إلا أن هذا الأمر فتح باب الشك والتساؤل حول الأسباب الخفية “لهذا التردد” وما يجري داخل الغرف المغلقة.

بالنسبة للفلسطينيين في قطاع غزة على وجه الخصوص والذين يتعرضون لـ”حملات إبادة جماعية”، فإن تأخير كل ثانية من إعلان الهدنة ووقف إطلاق النار يعني موت جديد ودمار آخر ومجازر بشعة أخرى وسقوط منازل وشهداء وجرحى ومفقودين، فالأمر بالنسبة لهم مجرد ثانية تفصل بين الحياة والموت.

التشاؤم حول موعد سريان “الهدنة الإنسانية بغزة بدأ حين صرح، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي مساء الأربعاء، بإنه لن يتم إطلاق سراح أي من الأسرى المحتجزين في غزة قبل الجمعة، فيما كان من المنتظر بدء سريان الهدنة وانطلاق أولى عمليات الإفراج الخميس.

إلا أنه لم يوضح أي أسباب حول هذا التأجيل.. فماذا جرى؟

وفي هذا السياق أفاد مسؤولون إسرائيليون وأميركيون وإقليميون، بأن عملية الإفراج المقررة عن 50 أسيراً محتجزين في غزة إلى جانب 150 سجينا فلسطينياً ووقف القتال قد تأجلت قبل ساعات من الموعد المقرر أن يبدأ يوم الخميس.

ماذا جرى؟

وكشفوا أن هذا التأخير لمدة يوم على الأقل، يرتبط بقائمة الأسماء التي قدمتها حركة “حماس” للمسؤولين الإسرائيليين.

وقال مسؤول أميركي في البيت الأبيض إنه في حين قدمت الحركة الأسماء والجنس والجنسية لمعظم الأفراد، كان هناك نقص في المعلومات عن بعض الرهائن الخمسين، ما أدى إلى تعقيد وتأخير إطلاق سراحهم.

كما أوضح أن الأطراف المشاركة في صفقة إطلاق سراح الأسرى تعمل على وضع “التفاصيل اللوجستية النهائية” لليوم الأول من تنفيذ الاتفاقية، وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.

إلا أن مصدراً مطلعاً على المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، قال إن عقبات فنية في صفقة تبادل الأسرى أدت لتأخير تنفيذها إلى غد الجمعة، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP).

وأضاف أن “حماس” أعادت طرح مسألة وقف إطلاق النار وطلبت توضيحاً لكل ما هو متفق عليه وإدراج كل التفاصيل في الاتفاق مع إسرائيل، متوقعاً تذليل العقبات التي طرأت في المفاوضات بين الجانبين خلال الساعات القادمة.

وأشار المصدر إلى أن الاتفاق لم يوقع حتى الآن رغم الإعلانات الرسمية من إسرائيل وحماس والوسطاء المصريين والقطريين والولايات المتحدة عن التوصل إليه فجر أمس.

بدورها، أكدت هيئة البث الإسرائيلية هذا الكلام، وقالت إن حركة حماس قررت في اللحظة الأخيرة تعديل الاتفاق مع إسرائيل، ما تسبب في تأخير تنفيذ البنود.

وأضافت أن رئيس الموساد الإسرائيلي، ديفيد بارنيا، قال إن قطر أبلغته الأربعاء أن حماس ترغب في إجراء تغييرات على مشروع الاتفاق، وإن الدوحة تتابع الموضوع.

أما الخارجية القطرية، فقالت في بيان اليوم الخميس، إن المحادثات حول الخطة التنفيذية لاتفاق الهدنة في غزة تسير بشكل إيجابي، دون تقديم مزيد من التفاصيل، ونقلت عن المتحدث باسمها محمد الأنصاري القول إن الإعلان عن موعد بدء سريان الهدنة بين إسرائيل وحماس سيكون خلال الساعات القادمة.

وأضاف أن العمل مستمر مع الطرفين ومصر والولايات المتحدة لضمان سرعة البدء بالهدنة وتوفير ما يلزم لضمان التزام الأطراف بالاتفاق.

بدورها، لفتت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، إلى أنه ومن وجهة نظر أميركية، فلا ينبغي ترك أي شيء للصدفة مع بدء عودة الأسرى إلى ديارهم، مشددة على أن الهدف الأساسي هو ضمان إعادتهم إلى ديارهم بأمان.

حماس والوقع في الفخ.

وأكدت أن هذا الهدف يسير على الطريق الصحيح، آملة أن يبدأ التنفيذ صباح الجمعة.

يشار إلى أن إسرائيل وحماس كانتا وافقتا على اتفاق إطلاق سراح للأسرى في وقت سابق من هذا الأسبوع، على أن يؤدي وقف إطلاق النار المتوقع لـ4 أيام، عودة 50 محتجزاً عند الحركة إلى إسرائيل مقابل 150 فلسطينياً معتقلين.

وبموجب الاتفاق، يتعين على الفصائل الفلسطينية تقديم قائمة مفصلة بالأسرى في المساء قبل إطلاق سراحهم إلى مصر، حيث سيتم تسليمهم إلى قطر وإسرائيل.

كما من المفترض بعد ذلك تسليم القائمة إلى الصليب الأحمر المسؤول عن استقبالهم في اليوم التالي.

وبمجرد إجراء التحقق المادي من قبل الصليب الأحمر وإسرائيل، سيتم بعد ذلك نقلهم إلى المستشفيات في إسرائيل لإجراء الفحوصات.

وقال مصدر فلسطيني آخر ومطلع على مباحثات اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس لوكالة فرانس برس إن التأخير في بدء سريان الهدنة “له علاقة بتفاصيل اللحظات الأخيرة المتعلقة بتفاصيل حول أسماء الأسرى الاسرائيليين وآلية تسليمهم”.

وأضاف “تم أمس (الأربعاء) تبادل قوائم الأسماء للأسرى من الطرفين عبر الوسطاء في قطر ومصر”.

وأوضح “حماس ستطلق سراح 10 اسرى من النساء والاطفال (دون 19 عاما) وفي نفس الوقت تطلق اسرائيل سراح 30 اسيرة وأسير من الاطفال على مدار أربعة أيام” على أن يترافق ذلك مع وقف القتال في كل أرجاء قطاع غزة مع تحليق محدود للطائرات الإسرائيلية في شماله.

وأوضح المصدر نفسه “التأخير له علاقة بتفاصيل اللحظات الأخيرة المتعلقة بتفاصيل حول أسماء الأسرى الاسرائيليين وآلية تسليمهم”.

وتابع يقول “الاقتراح كان بتسليمهم للصيب الأحمر ثم نقلهم الى مصر ليتم تسليمهم للجانب الإسرائيلي”.

وأضاف “ثم تم اقتراح أن يتم ترتيب زيارة للأسرى لاجراء الفحوصات الطبية من خلال أطباء وعناصر عبر الصليب الاحمر وتنسيق زيارة للصليب للأسرى المدنيين الاخرين ليتأكدوا من سلامتهم”.

وشدد على أن حركة حماس “تؤكد أن كل النقاط يجري نقاشها لكنها أكدت أنها تلتزم فقط بالنقاط التي يتم الاتفاق بشأنها”.

وختم قائلا “الوسطاء من قطر ومصر والولايات المتحدة سيراقبون التنفيذ والخروقات ويضمنون سير تطبيق اتفاق الهدنة والمباحثات التي تليها”.

ولدى “حماس” نحو 239 إسرائيليًا أسرتهم في 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم، خلال هجوم نفذته على مستوطنات “غلاف غزة”، فيما تعتقل إسرائيل في سجونها نحو 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم 200 طفل و78 سيدة ومئات المرضى والجرحى.

ومنذ 7 أكتوبر يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 14 ألفا و532 شهيدا فلسطينيا، بينهم أكثر من 6 آلاف طفل و4 آلاف امرأة، فضلا عن أكثر من 35 ألف مصاب، أكثر من 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

وأمام هذا التطور.. هل ستكون التهدئة في غزة هشة ويسهل اختراقها؟ ومن سيتحمل المسؤولية؟ ولمصلحة من؟

  

         

بحث