مساجلة بين اتاه وامفال:
من جميل شعر امحمد بن أحمد يوره -وكل شعره جميل- قوله:
بُـكَــاءُ حَـمَــامَــاتٍ تَــغَـنَّـيْـــنَ بِـالْأمْـــسِ
يَـرُدُّ قُـلُـــوبَ الْـمُـرْعَـويـنَ إلَى الـدِّكْــسِ
بَـكَــيْــــنَ لِأيَّـــامٍ بَـكَــيْــتُ لِــمِــثْــلِـــهَــا
فَأَصْبَحْنَ مِنْ جِنْسِي وَمَا هُنَّ مِنْ جِنْسِي
لقد جارى شعراء هذه الأبيات، ومن بديع مجاراتها تلك المساجلة التي حدثت بين فَـتَـيَيْ بني ديمان بلا منازع؛ المختار بن حامدن (اتَّـاهْ)، ومحمد فال بن البناني(امَّفَـالْ) وكانا وقتها مدرسين بمدينة أبي تلميت، وفي عطلة نهاية الأسبوع يزورهما شبان من أبناء عمومتهم يدرسون هناك، منهم الإداري المرموق أحمد ولد ابا ولد امين -أطال الله بقاءه- فيلتم الشمل، وتطيب المنادمة والأنس.
وذات عشية جاء الشبان على عادتهم، فوجدوا امفال لوحده، وقد خرج اتاه لمهمة، فطلب امفال من أحدهما أن يشتري له شايا من دكان التاجر أحمدو اشريف، وبدأت جلسة الشاي المعهودة ولكن اتاه كان غائبا، ورأى امفال في غيابه عن المجلس مدعاة للقول فقال:
تَـذَكَّــرْتُ وَالْأَقْــوَامُ تَـضْـرِبُ بِالْـكَـأْسِ
مَغَـانٍ بِـذَاتِ الشَّـوْلِ عَادِمَةَ الْجِـنْـسِ
أَقَـمْـنَـا بِـهَـا دَهْــرًا هَـنِـيـئًـا مُـسَاعِــدًا
يَـرُدُّ قُـلُـوبَ الْـمُـرْعَـوِيـنَ إلَى الـدِّكْـسِ
ولما عاد اتاه مساء روى له امفال البيتين، فما لبث أن قال:
تَــذَكَّــرَ خِـلِّي مَــا تَــذَكَّـــرَ بِــالْأَمْــــسِ
وَإنِّـي لَــهُ مِـــثْلٌ فَـمَــا أنَـا بِالْــعَـكْــسِ
وَذَكَّــرَنِي دَهْـــرًا جَـمِـيـلًا مُـسَــاعِـــدًا
أَحَـبُّ إلَى نَـفْــسِي لَـيَـالِيهِ مِنْ نَفْـسِـي
فرد عليه امفال:
تَـشَـــوَّقْـــتُ أزْمَــانًــا لِــهِــنْـــدٍ وَمَــنْــزِلًا
كَـمَــا الْخِــلُّ شَـاقَـتْـهُ الْـمَـنَـازِل بِالْأَمْـسِ
وَقَــدْ وَافَــقَــتْْ أزْمَـــانُ خِـلِّـيَّ أزْمُـــنِـي
فَأصْبَحْنَ مِنْ جِنْسِي وَمَا هُنَّ مِنْ جِنْسِي
فرد عليه المختار:
لَـقَدْ حَـاكَ شِـعْــرًا مُسْتَـجَـادًا مُحَــرَّرًا
أنِيسِي الَّذِي مَا مِثْلُهُ الْيَوْمَ فِي الْإنْسِ
فَـأَطْـرَبَـنِي حَـتَّى بَكَـيْـتُ مِـنَ الْجَـوَى
بُـكَــاءَ حَـمَـامَــاتٍ تَـغَـنَّـيْــنَ بِالأَمْــسِ
وللرجلين قصص جميلة في الظرف والمفاكهة.
نقلا عن صفحة "أدب إكيدي"