من أعجب قصص الضرائر "المظايرات"

اثنين, 25/09/2023 - 19:57

كان ببغداد رجل بزَّاز يبيع الثياب وله ثروة مهمة ، فبينما هو في حانوته إذ أقبلت عليه صبية فالتمست منه شيئًا تشتريه ، فبينما هي تحادثه كشفت له عن وجهها خلال ذلك ، فتحيَّر وانبهر من جمالها وقال : قد والله تحيرت مما رأيت.

فقالت : ما جئت لأشتري شيئًا ، إنما لي أيام أتردد إلى السوق ليقع بقلبي رجل أتزوجه ، وقد وقعت أنت بقلبي ، ولي مالٌ ، فهل لك ان تتزوجني؟

فقال لها : ان لي ابنة عم وهي زوجتي ، وقد عاهدتها ألا أُغيرها ، ولي منها ولدٌ .

فقالت : قد رضيت أن تجيء إليَّ في الأسبوع مرتين فقط.

فرضي ، وقام معها ، فعقد العقد ، ومضى إلى منزلها ، فدخل بها .

ثم ذهب إلى منزله ، فقال لزوجته : إنَّ بعض أصدقائي قد سألني أن أكون الليلة عنده .

ومضى ، فبات عندها ، وكان يمضي كل يوم بعد الظهر إليها ، فبقي على هذا الحال ثمانية أشهر ، فأنكرت ابنة عمه أحواله فقالت لجارية لها : إذا خرج زوجي فانظري أين يمضي؟

فتبعته الجارية ، فجاء إلى الدكان ، فلمَّا جاء الظُّهر قام ، وتبعته الجارية ، وهو لا يدري ، إلى أن دخل بيت تلك المرأة، فجاءت الجارية إلى الجيران وسألتهم : لمن هذه الدار ؟

فقالوا : لصبيَّة قد تزوجت برجلٍ تاجر بزَّاز ( يبيع الثياب )

فعادت إلى سيِّدتها ، وأخبرتها ، فقالت لها : إياك أن يعلم بهذا أحدٌ ولم تُظهِر لزوجها شيئًا حتى قضى مع المرأة عاما كاملا .

ثم مرض الزوج ومات وخلّف ثمانية آلاف دينار ، فعمدت المرأة التي هي ابنة عمه إلى ما يستحقه ولدها من التركة ، وهو سبعة آلاف دينار ، فأفردتها وقسمت الألف الباقية نصفين ، وجعلت النصف في كيس، وقالت للجارية :

خذي هذا الكيس واذهبي إلى بيت المرأة ، وأخبريها أنَّ الرجل مات ، وقد خلف ثمانية آلاف دينار ، وقد أخذ الابن سبعة آلاف هي حقِّه من التركة، وبقيت ألف فقسمتها بيني وبينك ، وهذا حقُّك ، وسلِّميه إليها ، فمضت الجارية ، فطرقت عليها الباب ودخلت ، وأخبرتها خبر الرجل ، وحدثتها بموته ، وأخبرتها الحال فبكت وفتحت صندوقها ، وأخرجت منه رقعة ، وقالت للجارية :

عودي إلى سيدتك ، وسلِّمي عليها عنِّي ، وأخبريها أن الرجل طلقني وكتب لي براءة وردي عليها هذا المال فإنِّي لا أستحق في تركته شيئًا .

 

فوالله ما ندري أنعجب من عقل الأولى وتقواها وحكمتها وعدلها رغم مصابها وغيرتها.

 أم من سعة عقل الثانية وحسن تصرفها وفرادته؟! 

مع أنه لم يطلقها لكنها آثرت ضرتها بميراثها من زوجها وهو نصف الثمن ..

  

        

بحث