تنوير ونصح وتنبيه وتحذير
رسالة إلى علمائنا الأجلاء وإلى القضاة الموقعين عن رب العالمين وإلى أهل الرأي والأمر والدعاة والأئمة والبرلمانيين والإعلاميين والمثقفين وإلى شعبنا المسلم الكريم عامة .
هذا تنوير ونصح وتنبيه وتحذير للجميع ، إن علينا جميعا أن نفرق بين ما يمكن أن نختلف فيه أو نتفق وما لا يقبل فيه الخلاف أصلا ولا يجوز فيه شرعا مما تستوي فيه الموالاة والمعارضة ولاسيما أن مرجعية شعبنا كله هي الإسلام وقد نص قانون الجمهورية الإسلامية على ذلك في ديباجته، مما يجعل رفض كل ما يخالف ديننا الإسلامي والوقوف في وجهه مسؤولية الجميع .
إن قانون النوع أو قانون (السيداو) المعروف ب(Gender) وما تفرع عنه هو أخطر قانون واجهته البشرية عبر تاريخها الطويل ويجب أن يُرفض لصدوره عن أعداء الله ورسله والمؤمنين أعني اليهود الذين يسعون في الأرض فسادا،
ولمضمونه وأهدافه الصريحة في مخالفة الشرع،
ولخطر دوافعه المتوسطة والبعيدة ...
إنه خطر حقيقي على الدين والنفوس والعقول والأعراض والمال والمجتمع مما يجب أن يجعل رفضه محل اتفاق بين جميع مكونات هذا المجتمع بعيدا عن أي اعتبار آخر.
ويتوجه الجميع إلى وسائل ذلك الممكنة لا محاولة ترقيعه و تزييفه لتمريره.
وببالغ الأسف فإن هناك محاولة مستميتة يقوم بها البعض هذه الأيام -هداهم الله- يحاولون من خلالها تمرير هذا القانون الآثم عن طريق أهل الدين أولا، وباستدلالات شرعية في غير محلها علما بأنه مهما زُيّف سيظل خاضعا للقانون الأصلي الصريح ومحكوم به كما نصت وثقته الأساسية (السيداو) على ذلك في مواده رقم 2، 16، 24 من إلغاء كل القوانين والأعراف المخالفة له، مما يجعل فروع ذلك القانون ومنها (القانون الموريتاني) الذي سيقدم للبرلمان غير قابلة للتعديل أو الإصلاح وقد نصوا على أن المادتين 2 و 16 لا يمكن الاعتراض عليهما.
-فهذه الوثيقة في أصلها ( قانون النوع - السيداو)صادرة عن اليهود وتستهدف الدين بضروراته الخمس أو الست وقيمه و أخلاقه بشكل صريح
وتسوّي في هذا بين أصوله تحليلا وتحريما وفروعه التشريعية أمرا ونهيا، من خلال تحويل المنكرات والمحرمات المجمع عليها إلى مباحات تحميها وتراقبها المنظمات والسفارات الأجنبية بشُرطها وفنادقها ومحامييها وإعلامييها وأطبائها المستأجرين بتغطية كاملة من صندوق النقد الدولي "اليهودي" ومن الدول الغربية "المسيحية" ففي وثيقة مؤتمر بكين الصادر عنه الفقرة 132ك أن القروض والتدابير مشروطة بالتدخل في خصوصيات الدول ويعنون بتلك التدابير: التعليم والمال والصحة ونحو ذلك كما جاء صريحا في ص 37 الفقرة 82 (ب) و(ي) ، وفي ص 39 وفي ص 17، وفقرة 32 من ربط المساعدات الدولية بتطبيق تلك الدول لهذه المقترحات الشيطانية !! حتى قيل إن حرص بعض الدول على تمرير قانون النوع ليس لمصلحة المرأة كما يزعمون بل للحصول على تلك الإغراءات المالية الكبيرة..
وقد كشف عن ذلك (جون بي آلتمرمان) مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية الاستراتيجية الإمريكي في مقال له بعنوان : (الليبراليون الجدد عمالة تحت الطلب) تحدث فيه عن تنامي الدعم الغربي لهم
-ومن الامثلة على ذلك تقنينها للمساواة المطلقة والقضاء على جميع أشكال التمييز بين الأنثى والذكر بما في ذلك من احكام قطعية *كالإرث والدية والشهادة والسفر والخلوة والقوامة ،وتنفي في مكابرة غريبة الفروق الحسية والعلمية وتجعلها مجرد تربية اجتماعية جعلت الأنثى أنثى والذكر ذكرا*
-وتتابعها الأمم المتحدة ويسلم لها تقرير عما تم تنفيذه بموجب المادة 18 متدخلة بذلك في سيادة الدول والشعوب عاطية الحق في ذلك لتلك السفارات والبعثات والمنظمات، مع مخالفة بهذا لما تنص عليه في ميثاقها من احترام سيادة الدول .
-وتقدم بناء على ذلك رشوة وسحتا للدول من جهة وللمنظمات العميلة ولكثير من ضعاف النفوس ممن يشترون الحياة الدنيا بالآخرة حتى يمثلوا رقابة على تلك الدول وهم مطالبون بما يسمى تقرير الظل.
-وهي من ناحية أخرى مبنية على المعادات التامة بين الرجال والنساء الى حد الانتقام وتدعوا الى الفردية التامة من أجل القضاء على الأسرة الشرعية والفطرية -أما دوافعها الاستيراتيجية فمنها السيطرة على العالم من خلال فرض النموذج الثقافي والاجتماعي والسياسي الغربي على العالم أجمع، وتقليل السكان في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية
وقد اعترفت الوثيقة الصادرة عن مؤتمر القاهرة بهذا ففي المادة 32 ص17 ما نصه : (ففي كثير من البلدان النامية يبلغ عدد السكان ممن تقل أعمارهم عن 25 عاماً نسبة تتراوح بين 45 و 50%بينما يتجه عدد كبار السن من السكان ونسبتهم إلى التزايد في البلدان الصناعية الغربية( ).
- *إن على أي فقيه لم يطلع على خلفية هذا القانون ويدرس أهدافه وفلسفته و لم يقرأ بنوده ويوازن بينها وبين أصله الذي تم ويتم التوقيع عليه ألا يخاطر بنفسه فيجيز التصويت عليه وتمريره والموافقة عليه لأن الفتوى والحكم في النازلة يحتاج إلى معرفة الدليل والواقع والعلاقة بينهما*
يقول ابن القيم –رحمه الله-: *(وَلا يَتَمَكَّنُ الْمُفْتِي وَلا الْحَاكِمُ من الْفَتْوَى وَالْحُكْمِ بِالْحَقِّ إلا بِنَوْعَيْنِ من الْفَهْمِ:*
أحَدُهُما: فَهْمُ الْوَاقِعِ، وَالْفِقْه فيه، وَاسْتِنْبَاطُ عِلْمِ حَقِيقَةِ ما وَقَعَ بِالْقَرَائِنِ وَالأَمَارَاتِ وَالْعَلامَاتِ؛ حتى يُحِيطَ بِهِ عِلْمًا.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: فَهْمُ الْوَاجِبِ في الْوَاقِعِ، وهو فَهْمُ حُكْمِ اللَّهِ الذي حَكَمَ بِهِ في كِتَابِهِ، أو على لِسَانِ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الْوَاقِعِ
ثُمَّ يُطَبِّقُ أَحَدهُمَا على الآخَرِ.فَمَنْ بَذَلَ جَهْدَهُ، وَاسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ في ذلك لم يَعْدَمْ أَجْرَيْنِ أو أَجْرًا
فَالْعَالِمُ من يَتَوَصَّلُ بِمَعْرِفَةِ الْوَاقِعِ وَالتَّفَقُّهِ فيه إلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
أما من لم يتعرف على تلك النازلة ولم يتصورها -بعيدا عن أي ضغط مادي أو معنوي- فلا تجوز له الفتوى فيه ولا إباحته والموافقة عليه لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره،
وإن تجاسر وأفتى بإباحته قبل ذلك كان حكمه اتباعا للهوى وكان من الأئمة المضلين الذين خاف علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم فقال : *(أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلّون)* وكان ممن اتبع هواه بغير هدى من الله أعاذنا الله وعلماءنا من ذلك وجعلنا متعاونين على البر والتقوى.
وسأتناول تلك المواد الأساسية التي يبنى عليها هذا القانون بشيء من التفصيل في مقالات لاحقة إن شاء الله نصحا وتبيينًا ، ريثما أحصل على النسخة التي ستعرض على مجلسنا الموقر لأحتسب في مساعدتهم في بيان ما أراه مخالفا لديننا الحنيف حتى نكون جميعا على بينة من ذلك إن شاء الله.
وفقنا الله لكل خير وجعلنا حماة لديننا ومجتمعنا ومن الذائدين عن حياضه .
والله تعالى أسأله أن يكفي المسلمين شر أعدائهم وأن يطفئ نيرانهم ويرد كيدهم في نحورهم وصدق الله القائل : *(..كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)* المائدة : 64
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإيمان وإحسان .
كتبه د. مولاي إسماعيل الشريف
دكتوراه في قضايا المرأة والأسرة في مؤتمرات الأمم المتحدة
من الجامعة الأمريكية في لندن
7/3/1445 هـ