بلغني على هذا الفضاء الشيبه بالمحيط لونا وخطرا، أن التنظيم انتدب كاتبا صحفيا، شاعرا لإبطال ما اتهم به شيخه من ترويج وتدليس، فأثلج ذلك صدري لسببين:
الأول أن التنظيم نوّع مصادر تسليحه؛ فبعد أن جرب النقابي، والفقيه، والدكتور، مع مئات المجندين بأسلحة فردية رديئة… هاهو يزج بكاتب صحفي شاعر في هجوم أوكراني مضاد.
الثاني أن التنظيم يرد “جميلا” (العلم شرد إلينا) لشيخه في عقد، بملاحق سرية، على قاعدة “رابح، رابح”.
خاب أملي منذ الطلقة الأولى. فمن أعياه عنوان، حتى استلفه من خصمه، توقع منه أن يتردى في المتن، ويهوي في الخاتمة.
ذخر المجند سلاحه بيد مرتعشة؛ فهو لا يحب… يمقت… يتقزز… مما هو داخل فيه بلا عزيمة، ولو كان الأمر إليه ما دخل فيه. ويستشهد على صدق مشاعره ببيت جاء به حشوا؛ فمثله لا يركب الأسنة إلا مضطرا. ويعزز أعذاره ببيت آخر يجعله أخا مكرها في إشارة منه إلى الحديث الشريف: “… وما استكرهوا عليه”. ذكرني ذلك بمبارزة أبي دلامه. فالمجند يستأسر منذ اللحظة الأولى!
لكنه ما لبث أن أدرك أن التنظيم جنده على طريقة طارق بين زياد، مع اختلاف المقاصد، عندها بدأ إطلاق النار بشكل عشوائي كثيف لعل ذخيرته تنفد، أو يصيبه جرح في أخمصه يخرجه من المعركة إلى طب جاه، أو طب الإصلاحيين…
وزادت خيبتي حين ظهر المجند بمظهر رب الجمعية، وللشيخ تنظيم يحميه، أو يتخلى عنه كما تخلى عن غيره.
كانت ذخيرة المجند رسكلاج من شتائم يطلقها التنظيم منذ ٢٠١١ ما قتلت ذبابة، أتعامل معها تعامل الروس مع معدات الناتو.
انشغل المجند بإظهار محاسن جمعيته، فهذه فرصة لترويجها. قد يكون صادقا في كل ما ساق لتبديد ما يثار حول الجمعية من شبهات. لكنني أريد أن أحاكمه إلى المساطر الدولية لجمعيات العمل الخيري.
أولى هذه المساطر هي الشفافية في التسيير؛ فأنتم تجمعون التبرعات (فرق شاسع بين التبرعات والصدقات) تزعمون إنفاقها في أعمال البر. أول واجب عليكم هو إخبار المتبرعين بالقيمة الاجمالية لتبرعاتهم، وأوجه صرفها. ذلك ما تفعله الجمعيات الخيرية كل سنة، فتنشر على مواقعها مداخيلها، وأوجه صرفها ليطمئن المتبرعون إلى أن أموالهم صرفت على الوجه الذي أرادوه. هل تفعلون هذا، أو شيئا قريبا منه؟
في السنة الماضية قامت جمعيتك بحملة جمع تبرعات على طريق الأمل. كم جنت؟ كيف صرفت الأموال؟ لا أحد يعلم.
أسلوبكم في جمع التبرعات ينافي أساليب الجمعيات الخيرية التي تكتفي بالاعلان عن مشاريعها الخيرية وتطلب من أهل الخير الاسهام في إنجازها. أما جمعيتك فتتكفف الناس إلحافا. هل سمعت بجمعية خيرية تضع صندوق تبرع في كل بيت! ثم لماذا لا تتسع صناديقكم إلا للنقد؟ لماذا لا تقبلون التبرعات العينية؛ طعاما، ملابس… ولماذا اخترتم، من بين كل المشاريع الممكنة، بناء مشفى لأمراض السرطان؟ أنا أخبرك. لقد اقتديتم بشيخكم ولد الددو. فحين أقام مركزا لتكوين العلماء جعل مدة الدراسة فيه سبع عشرة سنة ليستمر تدفق التبرعات دون أن يطالب بنتيجة. وقد مضى على فتح المركز ما يقارب العشرين سنة ولم يتخرج فيه أحد، وقد تسرب منه كثيرون! جمعيتك اختارت مشفى لمرضى السرطان لأن تشييده يتطلب أموالا كثيرة، والمستفيدين منه قلة ولله الحمد، والدولة تتكفل بهم. تريد جمعيتك أن يستمر تدفق الأموال أطول فترة ممكنة، ثم ينسى الناس المشفى لتنتقل إلى مشروع استنزاف جديد…
وللتدليل على منافاة أساليب جمعيتك لأساليب الجمعيات الخيرية ما أوردته عن بعض قرابتي؛ فهل رأيت جمعية خيرية تسأل المستفيدين من خدماتها (انتومَ امن أي لخوت ؟) لتشهر بهم!!! لا بد أنك تكففت بعض قرابتي فأعطوك وترفعوا عن ما سقطت فيه من منّ، أما الأذى فيقعدك عنه العجز.
تنفي عن جمعيتك أي صلة بحزب الإخوان. لعلك لا تدرك أن التنظيم الدولي يقسم منتسبيه إلى “ معلوفين” في حزب تواصل، وسائمة في المجتمع ومفاصل الدولة. وقد أبعدت جمعيتك النجعة فطاردت الموريتانيين في غرب إفريقيا، ولن يطول بها الأمر حتى (اترصف حيط المكسيك) تصفف صناديقها في شوارع نيويورك.
وأخيرا، لقد انشغلتَ عن تدليس الشيخ بالدفاع عن الجمعية فأثبته عليه، وهو عليه ثابت. أما أسلوب “حتّ انتَ” فيثبت الحجة على شيخك لأنك تختلق له بيئة من المدلسين عله يذوب فيها! فهدئ من روعك، يا أبا المعالي، والبعد منه حسي ومعنوي، فهذه ألعاب نارية.. أما المعارك فيخوضها الأبطال غير مكرهين، ومؤثرو ركوب الأسنة على نوم الضحى على المطارف والحشايا.
فغض الطرف…عن المكاره، ولك في أبي العلاء، الذي تشترك معه في الكنية، سلف صالح، فبادر إلى تصحيح الكنية في الحالة المدنية قبل انقضاء الآجال…
يغفر الله لي.. ولك، مع قيد ابن مريم عليه السلام.