في المجتمع الموريتاني قديما وحديثا كانت تُستحدث عاداتٌ , وتبتكر تقاليد , خاصة في موضوع الزواج , الذي يجب
أن تُذلّلَ له كل السبل وتُسهّل له كل الطرق , حتى يستطيع الشباب ـ كلٌّ حسب استطاعته ـ أن يُكوّن أسرة , ويزيد سواد الامة , مما يقلل جرائم الاغتصاب , ويحفظ الاعراض والانساب.
لكن الزواج في المجتمع الموريتاني , وخاصة "مجتمع البيظان" مسألة صعبة للغاية , لذلك يكثر فيه الطلاق وجرائم الاختطاف والاعتداء على الاعراض بسبب العراقيل والشروط المجحفة التي توضع أمام كل مَن تُسول له نفسه الزواج او يُفكر في عصمة نفسه ودينه وتكوين أسرة وإنجاب بنين وبنات.
ومن هذه الشروط ما أصبح شبه متعارف عليه تقريبا بين الجميع , كشرط لا سابقة ولا لاحقة , وشرط "اسلام" و"الحنة" و"اسبوع" واستدعاء المطربين , وإقامة "ندوية" كبيرة , وغيرها وغيرها.
لكن أغرب شرط سمعته على الاطلاق ورواه "لوكالة الجواهر" شخصٌ ثقة وشاهد عيان هو : أنه في إحدى المدن التابعة لولاية من ولايات الوطن , خطبَ شاب متوسط الدخل فتاة من تلك المدينة فوافق أهلها , وحددوا يوما للعقد, وفي ذلك اليوم حضر عدد كبير من وجهاء المدينة وأقارب الاسرتين رجالا ونساء , وذُبحت الذبائح , واُحضرت الالبان والعصائر من كل الالوان والاشكال.
وبعد تناول ما لذّ وطاب من الاكل والشراب , بدأت جلسة العقد , فطلب إمام المسجد الذي سيعقد القران من أهل العروس ـ كما جرت العادة ـ وبحضرة وكيل العريس , أن يقولوا شروطهم إن كانت لديهم شروط , عندها بدأت والدة الفتاة ـ وبصوت مرتفع يسمعه البعيد والقريب ـ في تعداد الشروط , التي كان والد العريس ووكيله يُبدي موافقته عليها دون تردد الى ان قالت بالحرف الواحد :
لكن الشرط الذي يعتبر أساسيا وضروريا وهاما وبدونه لن يكون هناك عقد ولا زواج , هو :
"حضور 8 من المخنثين "كَـورديكَـنات" ـ سمتهم بأسمائهم ـ يشرفون على هذا العرس من بدايته الى نهايته".
وكان معظم هؤلاء المخنثين في العاصمة نواكشوط التي تبعد أكثر من 500 كلم من العاصمة.
عندها وقف والد العريس ووكيله وأشار الى بقية مَن حضر معه بالقيام وقال :
"قومو نمشو ذَ عرسْ امْنسّسْ" الحمد لله الذي حفظنا وحفظ ولدنا من هذه الاسرة.