أعلن اليوم الجمعة في نواكشوط عن وفاة رجل الأعمال حابه ولد محمد فال.
ويعد المرحوم سياسي ورجل أعمال من الرعيل الأول, حيث عاصر بناء الدولة الموريتانية الحديثة, وترك بصماته في العمل السياسي بموريتانيا خلال ستينات وثمانينات القرن الماضي.
وجاء في تدوينة للأستاذ سيدي محمد - أكس اكرك - ما يلي :
الرقم الصعب في المعادلة الوطنية
حابَه ولد محمد فال في ذمة الله
ونحن صغار كنا نسمع اسمَ حابَه ونظنه كائنا من كوكب آخر، لأن الحديث لم يكن عنه بقدر ما كان عما يستورده رجل الأعمال ذاك دلوير حابه، بير حابه باتري حابه..
كان حابه رجل أعمال سوبر مان، يأتي بكل شيء من وراء البحار..
كان حابَه رجل أعمال جيل التأسيس أقام المتاجر واستورد البضائع وبنى فندقا كبيرا في العاصمة هو فندق "شنقيط".
حين جاء العسكر اختلف معهم حابَه لأنه يعرف بيروقراطية ذوي الأحذية الخشنة.
يقال إن رأس المال جبان، والحق أن الجبان هو صاحب رأس المال
إنَّ أقسى الأشياءِ للنفسِ ظُلماً :: قَلَمٌ في يَدِ الجَبَانِ الجَبَانِ
لقد ضحى حابَه بماله الوفير في سبيل ما يؤمن به
وبلغ الخلاف مع العسكر ذروته مع حكم ولد هيدالة فانشق حابَه وانضم لحركة التحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية (AMD) وموّل بحر ماله الجناح العسكري للحركة بالمال والسلاح لقلب نظام هيدالة فيما عرف بكوماندوز 16 مارس 1981.
حُكم على حابه بالإعدام غيابيا وصودرت أملاكه واستبيحت مخازنه، وأذكر وأنا حدث نهب مخزن له شرق سوكوجيم لكصر حوى من ضمن ما حوى -وهنا تكمن المفاجأة- مئات النسخ من رواية "السد" للكاتب التونسي محمود المسعدي، فلم يبق بيت إلا دخلته نسخة من السد.
ما الذي جلب السد لمخزن حابَه ؟!
وصودر منزل له في لكصر و أعطي للمفوض القطب ولد محم باب، أحد ضحايا انقلاب 16 مارس.
جرت مياه كثيرة تحت جسر الزمن ، أزيح هيدالة عن الحكم، ورجع حابَه للوطن، وذات بحث عن (طِيّاشٍ) من الأبل وقف هيدالة على (اعزيب) لحابه مسلما فكان من رد السلام هو من كان رأسه مطلوبا بالأمس للمسَلِم !
فتعانق الرجلان وأكرم حابَه وفادة محمد خونَ، فليس رئيسُ القومِ مَنْ يحملُ الحقد.
تطورت علاقة الرجلين ليدعم حابَه هيداله في ترشحه لرئاسيات 2003.
وضمت تلك الحملة إلى جانب حابَه وجوها بارزة مثل السياسي والمفكر المعروف محمد يحظيه ولد بريد الليل، ومدير الحملة النائب في البرلمان إسماعيل ولد اعمر، والناطق باسمها علي ولد صنيبه، والنقيب السابق بريكه ولد مبارك، وقدمت الحملة هيداله بوصفه ملاذاً للفقراء، ومخلصاً للمظلومين، وطريق موريتانيا الى التناوب على السلطة عبر صناديق الاقتراع.
تخوفت الدولة من تلك الحملة لحجم رجالها المعنوي وجرى بعد الانتخابات
اعتقال هيداله و15 من مساعديه من ضمنهم حابَه.
وجاءت عمليات الاعتقال بعد توزيع إدارة حملة المرشح ولد الطايع وثيقة تحمل العنوان “غراب 1” وتتحدث عن خطة لانتزاع السلطة عبر العصيان المدني في حال فوز ولد لطايع بطريقة ترى المعارضة انها اعتمدت التزوير.
ووجهت للمعتقلين تهم بالتآمر لقلب نظام الحكم، وإلحاق الضرر بالمصالح الحيوية للبلاد والتخابر لمصلحة دولة اجنبية، في اشارة الى تهمة بتلقي أموال من ليبيا لتمويل حملة هيدالة الانتخابية.، وتم إيداعهم في سجن (بيلَه) في لكصر نوفمبر 2003.
لم تلن قناة حابَه للعسكر بل كان دائما يسعى لإبعادعهم نحو الثكنات وإقامة حكم مدني، وتمثل ذلك في دعمه للمرشح سيدي ولد الشيخ عبد الله.
عرف حابَ رحمه بالشهامة والأنفة والشجاعة والإنفاق والكرم، يقول عنه عملاق الفن والأدب المختار ولد الميداح:
أفّامْ الشّكرْ إطّلْگو :: بالشّكر الزّين إلْ حابَ
وَفّامْ الشّمتْ اتْغلگو :: عنْ حابَ غلگ امْبابَ
وهذا من مناقبه قليل :: وقد يبدو القليل من الكثير
ومن المقرر أن تقام صلاة الجنازة على الفقيد بعد صلاة المغرب في مسجد ابن عباس ،فى انتظار قدوم افراد من أسرته
تغمده الله بواسع رحمته وألهم ذويه الصبر
تعازينا للوطن ولجميع المسلمين
فما كان قيس هلكه هلك واحد :: ولكنه بنيان قوم تهدما
كامل الأسى
بقلم الرائع/ سيدي محمد xy