قصة الحاجة الزهرة مع القرآن وهي في عمر 87 سنة

اثنين, 24/04/2023 - 22:06

هذه قصة الحاجّة الزهراء مداسي مع كتاب الله وعمرها 87 سنةح.م

الحاجة الزهراء مداسي

أعطت الحاجة الزهراء مداسي (87 سنة) القاطنة في حي لحريق بإينوغيسن ولاية باتنة مثالا في الوفاء والتعلق بكتاب الله، ورغم أنها لم تدخل المدرسة في حياتها إلا أنها تحسن القراءة ولا تتوان في ختم القرآن الكريم مرتين كل شهر، آخرها خلال شهر رمضان الكريم لهذا العام، حيث ختمته 3 مرات صدقة لروح زوجها الذي توفي منذ عامين، حيث تحرص على كتاب الله رغم متاعبها الصحية وتقدمها في العمر، وهي التي تطل على التسعين.
تعد ابنة الأوراس الحاجة الزهراء مداسي أنموذج نادر في التغلب على الأمية بنجاح، ناهيك عن تعلق قلبها بالقرآن الكريم، متجاوزة كل الصعاب والعقبات التي واجهتها رفقة أبناء وبنات جيلها بسبب الأمية والفقر وسياسة التجهيل التي مارسها الاستدمار الفرنسي في منطقة الأوراس ومختلف مناطق الجزائر، حيث ورغم أن الحاجة الزهراء مداسي (من مواليد 1936) لم تدخل المدرسة ولو يوما واحدا في حياتها إلا أن إرادتها وعزيمتها لم تمنعها من استغلال الفرص القليلة المتاحة لها، وفي مقدمة ذلك الفترة التي درستها في زاوية والدها محمد أمزيان مداسي بمرتفعات “هيزوغارضون” بإينوغيسن (حوالي 60 كيلومتر عن عاصمة الولاية باتنة)، حدث ذلك خلال أربعينيات القرن الماضي. وقد كانت الطفلة الوحيدة التي كانت تدرس بفضل تشجيع والدها الشهيد محمد أمزيان مداسي الذي حثها على حفظ كتاب الله بطريقة عصامية، وتعلم أبسط أبجديات القراءة والكتابة، وهو العامل الذي مكنها من كسر أولى خيوط الجهل والأمية في الممارسات البشعة التي كان يمارسها الاستدمار الفرنسي من حصار وتدمير لكل مقومات الأمة والمجتمع.
ورغم الظروف الصعبة التي مرت بها الأوراسية الحاجة الزهرة مداسي في عز الاستدمار الفرنسي وفترة الثورة التحريرية على غرار كل سكان إينوغيسن بباتنة، ناهيك عن التزاماتها العائلية بعد زواجها، إلا أن تعلقها بكتاب الله ظل قائما، ما جعلها تستعيد قصتها مجددا مع القرآن الكريم، وذلك في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حين استقرت مؤقتا بنواحي تازولت بباتنة، حين طلبت من إمام المسجد أن يمنح لها مصحفا يعينها على قراءة القرآن الكريم والمواظبة على تلاوته واستذكاره والتمعن في دلالاته وفق مستوى فهمها ودرجة استيعابها لمعانيه، خاصة وأنها في طفولتها حفظت شطرا هاما من القرآن الكريم، ما جعل هذا الإمام حسب حديث الحاجة الزهراء مداسي يختبرها أولا حول مدى إجادتها للقراءة قبل تحقيق طلبها، لتقدم بنجاح على تلاوة الآيات الكريمة في الصفحة التي وقعت عليها عيناها في المصحف وسط إشادة كبيرة من الشيخ الإمام نفسه الذي كافأها بمصحف مع الإشادة بها وتشجيعها على المواصلة بنفس العزيمة.
وخلال زيارتنا لها في مقر سكناها بحي لحريق بإينوغيسن (ولاية باتنة)، فقد أكدت الحاجة الزهراء مداسي وفاءها الدائم لكتاب الله وتعلقها به، حيث أنها تسير نحو ختم القرآن الكريم للمرة الثانية خلال شهر رمضان الكريم، وهو العمل الذي تحرص عليها بصورة منتظمة على مدار الأشهر والسنوات الماضية، مضيفة أن ما يهمها هو الوفاء لكتاب الله ونيل أجر تلاوته، مؤكدا أنها بعد وفاة زوجها منذ عامين ختمت القرآن الكريم 3 مرات صدقة لروحه الطاهرة، مثلما لا تنسى فضل والديها، وفي مقدمة ذلك تشجيعات والدها الشهيد محمد أمزيان (اشتهد رميا من مروحية عسكرية عام 1961)، وهو الذي شيد زاوية مطلع القرن الماضي خصصها لتعليم القرآن الكريم ومحاربة الجهل والأمية، مثلما سارت على خطى أخيها الحاج سي عبد السلام (يكبرها بعامين)، حيث درس معها القران الكريم في نفس الفترة وقام بتدريسه خلال فترة الثورة التحريرية بنواحي الشمرة ثم في مسقط رأسه بإينوغيسن.

 

الشروق

  

         

بحث