تجربتي في الزواج والطلاق ونصيحتي لكم جميعا

خميس, 13/04/2023 - 18:18

هذا شاب مرّ بتجربة فريدة في موضوع الزواج والطلاق ويريد أن يرويها لكم كما عاش فصولها لعلها تكون عِظة وعبرة لغيره من مَن لم يُقدموا بعدُ على الزواج من الجنسين , حيث يقول :

 
أجد نفسي مضطرا للحديث كثيرا عن بعض الأمور بعد تلك الأحداث التي مرت بي .. أريد أن أساعد كل من يحتاج المساعدة في أمر الزواج والطلاق .. لا أريد أن أرى أحدا يحزن كحزني .. أو يقع فيما وقعت فيه من أخطاء .

 أقول وبالله التوفيق :

الرجل المطلق - غالبا - لديه نظرة مختلفة تماما عن الذي لم يتزوج بعد .. ينظر للزواج بطريقة أكثر عقلانية .. يتأمل كثيرا .. يتأنى طويلا .. يراجع حساباته مرارا وتكرارا .. فليس أشد على الإنسان من أن يكرر خطئا فادحا وقع فيه .. والمطلق العاقل لا يريد أن يتسبب في طلاق آخر  يزيد به عدد الثيبات في المجتمع .. ويسبب به الحزن لعدد أكبر من العائلات .. ويجلب لنفسه الهم تلو الهم.

إليكم تجربتي .. واعذروني مقدما على الإطالة .. فلم أستطع ترك الحديث عن أمور أكثر مما تركت.

أخوكم .. شاب في الخامسة والعشرين من العمر ..
مذ كان عمري في الحادية والعشرين .. والفتاة تلو الفتاة تُعرض عليّ للزواج , إما أن يعرضها والدٌ أو والدة  .. أو أخ .. أو قريب.
لذا .. فأنا شاب مرغوب فيه ولله الحمد..لا أقول هذا الكلام استعراضا ولا فخرا.. ولكن لكي تقدروا حالتي النفسية أثناء قراءتكم لقصتي.
أما أنا فلم أكن أرغب بالزواج من أي فتاة من تلك الفتيات التي عُرضت عليّ .. لم أجد الرغبة فيهن في الحقيقية .. وأحيانا لا أرغب في الزواج من تلك العائلة مثلا.

بعد فترة وجدت لي والدتي فتاة تصغرني بأربع سنوات .. ذات خُلق ودين وجمال ومن عائلة طيبة .. خطبتُها .. وأعجبوا بي .. وطلبوا مني مهلة للتفكير .. ثم صُدمت في النهاية بالرفض لسبب تافه جدا .. كان يتعلق بالمال والدخل الشهري .. مع أن راتبي الشهري كان مرتفعا ودخلي جيد ولله الحمد .. ولكن كانت نظرة تلك الفتاة للمال أكثر من راتبي ومن دخلي .. فحمدت الله أنني لم أتزوج منها.

ثم عُرضت علي فتاة أخرى .. سألتُ عنها فأثنوا عليها .. تنازلتُ عن بعض شروطي الثانوية لأنني أعجبت بالفتاة من جوانب أخرى.

تزوجتها .. وبدأت الأمور تتكشف أكثر فأكثر..
كانت الفتاة ذات دين .. عائلتها رائعة .. أحببتها من كل قلبي .. بذلت لها كل ما يبذله المحب لمحبوبته .. حتى أنني جعلتها تحبني وتعشقني بشدة بسبب معاملتي لها .. وخدمتي لأهلها.

لكن .. كانت تصرفاتها مغايرة تماما لما كنت أتوقع..

لم تكن تحب خدمتي والقيام بشؤون البيت ..كنت أذهب عنها الى عملي وهي نائمة وأعود وهي ما زالت في فراش نومها أو تلهو بالمسلسلات او الحديث مع صديقاتها في الهاتف , ولم تكن تقدم لي ذلك الاحترام الذي يجب أن يجده الزوج من زوجته .. لم تكن قيمتي عندها تعادل نصف قيمة أي فرد من أهلها (بداية من الأب والأم وانتهاء بأصغر إخوتها) كانت تقدم ما يريده أهلها على ما أريده .. كانت تشعر أنني كلما طلبتُ منها طلبا أنني أهينها وأعتبرها خادمة عندي .. تكره طلباتي .. بينما تكثر طلباتها الخاصة بها أو بأهلها وعليّ أن أنفذها  .. دون رفض مني غالبا

قد يظن البعض أنني كنت لا أرد لها طلبا .. بمعنى آخر انني (امخَصَّرها وامدلعها) لم أكن كذلك .. كنت أنفذ لها طلباتها بعقلانية وفي حدود إمكانياتي , إلا أنها كانت تكره تلك العقلانية .. تريدني منفذا فحسب .. لا تريد أن أتناقش معها حول ما تريد .. لسان حالها يقول ( فإما أن تنفذ ما أريد وإلا فلا تناقش) .. 

كانت سريعة الغضب .. بطيئة الرضى .. تكره الاعتذار ولو كانت تعرف أنها مخطئة بحقي.. وتعُد الاعتذار ذُلا ومهانة مهما كان خطؤها.

كانت تلك التصرفات منها تتسبب بكرهي لها شيئا فشيئا .. حذّرتُها من هذا الأمر خصوصا .. وذلك منذ أن خشيت من حدوثه .. كانت تستبعد حدوث هذا الأمر .. كانت تظن أن الحب لا يمكن أن يزول مهما كانت الظروف .. مر على زواجي منها عدة أشهر .. كلما أردت إصلاح الأمر إذا به يسوء أكثر فأكثر .. لم أشعر أنني زوج مستقل بحياتي الخاصة .. لم أشعر أنه ثمة أحد يقدر قيمتي الحقيقية كزوج .. في الوقت الذي لا زلتُ فيه أقدم لها حقوقها .. من نفقة ورعاية وحب ورومانسية .. لم يكن ينقصها شيء في نظر العقلاء .. إلا أنها كانت تنظر إلى كل ما أقدمه أنه لا شيء أو أنني أقدمه فقط لأنها تستحقه , وليس لأني أحب ان أكرمها وأكرم أهلها من أجلها.

بدأتُ أكرهها شيئا فشيئا .. وهي على عكس ذلك .. كان حبها لي يزداد شيئا فشيئا .. حتى لم يبق في قلبي تجاهها أي حب .. وبمعنى آخر .. كرهتها .. لم أعد أطيق البقاء معها .. انتهت كل محاولاتي لإصلاح الأمر .. وأدركتُ انها لن تزيد الأمر ألا صعوبة..

بعد كثير من المشاكل .. والنقاشات .. والأخذ والرد .. والصبر والأمل .. عزمتُ على الطلاق .. قررت ذلك بعد ما استخرت ربي كثيرا .. واستشرتُ من أثق به .. بعدما رأيت أن لا سبب يدعوني للبقاء معها .. فلم تحمل مني ولله الحمد .. ولم تقم معي صرح الزوجية المبني على المودة والرحمة بحق .. ولم تتسبب في محبتي لها .. 

صارحتها بنيتي .. فأحست بالذنب .. وندمت أشد الندم .. واعترفت بخطئها بينها وبين نفسها - فيما أظن- لذلك أقفلتُ موضوع الطلاق بعد فترة نقاهة .. وعزمتُ أنا شخصيا على الرجوع علَّ الأمر يتحسن وترجع محبتي ومشاعري بعد أن تُصحح أخطاءها .. وبعد أن تناسيت كل ما سبب ذلك الكره .. مستذكرا كل أمر حسن كنت أجده فيها .. في محاولة لإبراز المحاسن وإخفاء المساوئ لإعادة الحب

.. قامت مشكورة بتعديل بعض أخطائها .. وبقي منها الكثير .. بقي منها ما كان سببا في كرهي لها .. تلك الأمور التي تتعلق بالأخلاق والتعامل .. بالمودة والرحمة .. لم أصبر مدة طويلة حتى تصحح باقي أخطائها والتي من الصعب تصحيحها لأنها متعلقة بشخصيتها وطبيعة حياتها .. لم أعد أطيق البقاء معها .. فات الأوان .. أصبحت أكرهها بشدة .. أكره النظر إليها .. أكره بقاءها عندي .. كرهتها بحق .. ولذلك عزمت على الطلاق من جديد .. فطلقتها بالفعل .. طلقتها وبدأت أحس بالراحة من دونها .. طلقتها بعد اتفاق بيني وبينها وأهلها على هذا الحل النهائي .. لم أحاول قط إهانتها بهذا الطلاق .. لا هي ولا أهلها .. ذهبت لوالدتها وقبلت رأسها وشكرتها على ثقتها الكبيرة بي واعتذرت لها بأنني بذلت كل ما أستطيع .. فلم أجد جوابا .. وكانت مسلّمة بالأمر الواقع.. كانت تعرف هي ووالد زوجتي أن ابنتهما مخطئة .. كانا يعرفان أنهما لم يقوما بتربية ابنتهما على أن تكون زوجة يوما من الأيام .. كانا مكتفيين بتربيتها على طاعة ربها لنفسها فقط .. وهذا خطأ فادح .. سيأتي الحديث عنه بإذن الله.

اعتذرت للفتاة عن أخطائي .. أنهيت تلك الحياة الزوجية بهدوء واتفاق بيننا .. مع أن ما وجدته منها لا يستحق كل هذا الاحترام .. لكنني لا أريد أن أُبقي لأحد معي ذكريات سيئة .. يكفي أنني طلقتها.


 هذه قصتي .. وإليكم نتائجها .. نقاط سريعة أوضح فيها مشاعري قبل وبعد الطلاق ..

* لم أندم على زواجي ولا طلاقي .. لأنني استخرت ربي كثيرا قبل الزواج وقبل الطلاق .. فأنا أثق بربي ثقة عمياء ولله الحمد .. وأنا على يقين أن ما مر بي من ظروف هو خير حال يمكن أن أمر به.

* لم أستعجل بالطلاق .. بل أخذ مني وقتا طويلا حتى تيقنت من نفعه .. ولذلك فأنا مرتاح نفسيا الآن بشكل أفضل مما توقعته .. ولكن يبقى في القلب شيء من حزن وهم.

* لا أخفيكم .. أنني لا أزال أفكر في زوجتي السابقة .. وبشكل يومي .. وهذا أمر طبيعي .. وأدعو لها دائما بأن تُوفق لحياة أسعد.

* كانت زوجتي في السابق تعطيني إحساسا بأنها غير محتاجة لي .. وأن لها أهلا يرعونها حتى لو طلقتها .. وهذا من أسباب عدم انجذابي لها مرة أخرى.

* مع كل ما حدث .. رأيت من زوجتي إصرارا عجيبا على العودة .. مع أنها لا تتفوه بكلمات اشتياق ولا تحاول أشعاري بالحاجة لي .. إلا أنها رغبت بالعودة .. ولما صعب الأمر صرحت لي بحبها .. ورأيت ذلك في تصرفاتها العفوية التي لم تستطع السيطرة عليها .. ولم تستطع كتمانها .. كانت تحبني بجنون .. لأنني فعلت لها كل ما يمكن أن يجعلها مُحبة لي .. لكنني كنت أكرهها بشدة لأنها فعلت لي كل ما جعلني أكرهها لهذا الحد.

* كنت أعاني مع زوجتي من صفة ذميمة .. كانت سببا رئيسيا في الطلاق .. فقد كانت تتصف بالكبرياء والتعالي .. وأنا لا أطيق هذه الصفة أبدا .. فأنا ولله الحمد متواضع بطبعي وأميل لأهل التواضع بشدة.

* كان هذا الزواج درسا مهما في حياتي .. كان تجربة فريدة .. تعلمت فيها الكثير مما لم يخطر على البال .. وبدأت الآن في البحث عن زوجة أخرى .. أبحث بطريقة مختلفة عن السابق .. بطريقة أكثر عقلانية وانضباطا .. حددت فيها ما أريد بالضبط .. فإن لم أجد الآن فلا داعي للزواج من زوجة لا تصلح لي .. فلا أريد تكرار تلك التجربة .. 

* يخطئ كثير من الآباء في حصر تربية أبنائهم على أن يقيموا الصلاة في وقتها وأن لا يقترفوا المعاصي .. بل لابد مع كل هذا أن يربوهم على أنهم جزء من المجتمع .. يريد منهم المجتمع أن يكونوا إيجابيين .. أن يكونوا نواة حسنة فيه .. ويجب عليهم أن يربوا الذكور على الاعتماد على النفس وزرع الثقة ومواجهة الحياة وتحمل المسؤوليات .. وأن يربوا الفتاة على أن تكون في يوم من الأيام زوجة وأُما .. أن تكون راعية لبيتها بنفسها .. أن لا تفكر بخادمة دون حاجة ماسة لها ودون ان تكون ظروف زوجها المادية تسمح له بذلك .. فلا بد أن تكون امرأة بمعنى الكلمة.   

* على كل شاب يبحث عن زوجة .. أن يحدد طلباته بدقة .. وأن يرتبها حسب الأولولية .. وأن يكون جادا فيما يريد .. فلا يتنازل عن أمر يراه ضروريا , حتميا .. فإن كان يريدها بيضاء ـ مثلا ـ ويرى هذا الأمر ضرورة ملحة .. فعليه أن لا يتنازل عنه .. وكذلك الأمر بالنسبة للفتاة .. فليس من الصواب التنازل عن أمور ضرورية بحجة عدم الرغبة في الانتظار .. فقد يكون ذلك الأمر مما يسبب الطلاق لاحقا.

* من المهم أن يسأل الخاطب أو المخطوبة عن الطرف الآخر أولا .. لا عن أهله ولا عن أصحابه .. فإن ارتاح له فيسأل عن أهله وأصحابه .. فقد يكون ذلك الشخص وُلد وتربى في بيئة رائعة ولكنه خبيث النفس والطباع.

 

هذّب هذه القصة وصحح أخطاءها اللغوية والنحوية وأعدها للنشر ,طاقم "موقع الجواهر"

  

         

بحث