مصير حرب أوكرانيا التي أرهقت العالم ومدى إمكانية حدوث سلام بين موسكو وكييف تنبأت به وثيقة أمريكية مسربة.
تقييم لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية كشف عن أنه من المتوقع استمرار الحرب الطاحنة الدائرة بين روسيا وأوكرانيا حتى 2024، مع عدم تأمين أي من الجانبين للنصر، بل ورفضهما التفاوض على إنهاء الصراع.
حرب أوكرانيا في "أوراق البنتاغون".. نهاية بدم بوتين وزيلينسكي؟
التقييم ضمن وثيقة من بين عدة مواد حكومية أمريكية حساسة للغاية تم تسريبها عبر الإنترنت، وحصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وخلص التقييم إلى أنه حتى إذا استعادت أوكرانيا مساحات "كبيرة" من الأراضي وإلحاق "خسائر غير محتملة بالقوات الروسية"، وهي نتيجة تجدها الاستخبارات الأمريكية غير محتملة، لن تؤدي مكاسب البلد إلى محادثات سلام.
وأضافت الوثيقة، التي لم يكشف عنها سابقا: "مفاوضات إنهاء الصراع غير مرجحة خلال 2023 في جميع السيناريوهات المدروسة".
وقد يحفز التقييم، الذي يستند لتقييم أمريكي دقيق بأعداد قوات الجانبين والأسلحة والمعدات، منتقدي الحرب الذين طالبوا القوى العظمى مثل الولايات المتحدة والصين بالدفع من أجل توصل كييف وموسكو إلى تسوية وإنهاء صراع تسبب في نزوح الملايين وخلف آلاف القتلى أو الجرحى.
وقال مسؤول أمريكي، لدى سؤاله بشأن تقييم وكالة استخبارات الدفاع، إن القرار بشأن توقيت التفاوض يرجع إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والشعب الأوكراني، مؤكدا على نهج عدم التدخل في الوساطة التي تبنتها الإدارة منذ بدء الحرب الروسية الشاملة في فبراير/شباط 2022.
وأكد المسؤول أن الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب كييف وتزويدها بالمعدات والأسلحة التي ستعزز موقفها على طاولة المفاوضات، متى ما يحين هذا اليوم.
وبحسب "واشنطن بوست"، قدّم تسريب الوثائق، التي لفتت انتباه السلطات الأسبوع الماضي، نظرة ثاقبة على أنشطة الاستخبارات الأمريكية بشتى أنحاء العالم، وكشفت الشكوك العميقة لدى مؤسسة الأمن القومي بشأن مسار الحرب.
ويرجع تاريخ العديد من التقييمات السرية التي ظهرت للعلن حتى الآن إلى فبراير/شباط ومارس/آذار، حيث ظهرت للمرة الأولى على منصة "ديسكورد" للتراسل قبل الانتشار بمنصات أخرى عبر الإنترنت.
وبالإضافة إلى نزاع مفتوح مكلف، تتنبأ الوثيقة التي تم الكشف عنها حديثا بكيف سيرد القادة العسكريون الأوكرانيون والروس حول تحديات ساحة المعركة، وتوقعت أن ينتهي العام بتحقيق الجانبين مكاسب إقليمية "هامشية" فقط نتيجة "القوات والإمدادات غير الكافية للعمليات الفعالة".
ومثل هذا الجمود، حيث لا يحقق أي جانب أفضلية حاسمة، يوصف في الوثيقة بـ"السيناريو الأكثر ترجيحا".
وبالنسبة للجانب الأوكراني، بحسب الوثيقة، ستؤدي حرب استنزاف مستمرة إلى إحباط داخل البلاد و"انتقادات" بشأن كيفية إدارة الحرب، "مما يجعل تغييرات القيادة أكثر احتمالا".
ومن غير الواضح ما إذا كانت الوثيقة تشير إلى تغييرات القيادة في السياق السياسي أو العسكري. ولايزال زيلينسكي يحظى بشعبية واسعة في أوكرانيا، لكن هناك توترات بين مكتبه والجنرال فاليري زالوجني قائد القوات المسلحة الأوكراني، الذي يعتبره البعض في كييف تهديدا سياسيا.
وتتوقع الوثيقة أن يؤدي الجمود أيضًا إلى قيام أوكرانيا "بتعبئة كاملة" لباقي سكانها المؤهلين، وإرسال المزيد من الشباب إلى الخطوط الأمامية.
وفي الوقت نفسه، ستكثف أوكرانيا على الأرجح اعتمادها على الضربات في الأراضي الروسية، بحسب الوثيقة، وهي ديناميكية أقلقت بعض المسؤولين
الأمريكيين الذين يخشون أن تجبر مثل هذه الهجمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تصعيد الصراع أو أن تعطي روسيا سببا لبدء تزويد قواتها بدعم فتاك.
وبالنسبة للجانب الروسي، سيجبر الجمود موسكو على استخدام "الاحتياطي المتدهور بسبب تضاؤل القوة القتالية". ومن المرجح أيضا أن "يسرع" الكرملين جهود ضم الأراضي التي تم السيطرة عليها إلى روسيا.
وقالت هيذر كونلي باحثة أوروبية ورئيسة صندوق مارشال الألماني: "لطالما كان صراعا لرؤية من تنفذ موارده أولا". وقالت إنها تتفق مع رأي الاستخبارات الأمريكية بشأن أن التفاوض لن يبدأ سوى بعد "استنزاف" أحد الجانبين، وهو احتمال يبدو بعيدا.
وفي السيناريو حيث تكسب أوكرانيا أفضلية حاسمة، تعتقد الاستخبارات الأمريكية أنه من المرجح أن "تشن كييف عمليات هجومية تنطوي على مخاطر أكبر لتحقيق مكاسب إضافية". وردا على ذلك، قد يكون من المتوقع من روسيا "زيادة الهجمات غير التقليدية على أوكرانيا، لكن الأهم من ذلك، "يظل استخدام الأسلحة النووية غير مرجح"، بحسب الوثيقة.
ويتوقع المسؤولون أنه، بدلا من الاستسلام، سيختار الكرملين إعلان "تعبئة وطنية جديدة" لمواصلة عمليات قتالية أخرى.
وتقر الوثيقة التي تم الكشف عنها حديثا بأن الجمود الذي تصفه بالسيناريو الأكثر ترجيحا لن يستمر إذا "كانت هناك تحسينات جوهرية بالقدرات العسكرية الأوكرانية أو الروسية".
العين الاخبارية