من المواقف السلبية التي ما تزال عالقة بذاكرتي ـ رغم حداثة سني آنذاك ـ اختفاء "غسّال" إفريقي كان يمارس مهنته في حينا بالعاصمة وإغلاق محله وبحث الكثيرين عنه لاسترداد ملابسهم ,ليفاجئوا به أمام بوابة إحدى المفوضيات وهو يرتدي الزي الرسمي للشرطة المحلية ,وعند سؤاله أجاب بأن سبب اختفائه هو وجوده في مدرسة الشرطة للتدريب بعد أن حصل على الجنسية الموريتانية ,تُرى لِمَن سيكون ولاء هذا الشرطي؟
موقف آخر بعد هذه الحادثة , لكنها في نفس الفترة تقريبا وجرت وقائعه في السنغال على يد رجال موريتانيين ,كان بحوزتهم مئات , إن لم تكن آلاف بطاقات التعريف الموريتانية موقعة ومختومة من بعض مفوضي الشرطة في نواكشوط ,ويبيعونها للسنغاليين والافارقة الراغبين بمبلغ 200 "سيفا" ,وما على المشتري إلا ملؤها بمعلوماته الشخصية التي تُركت فارغة لتناسب كل إنسان ,وكانت هذه التجارة تلقى إقبالا كبيرا من السنغاليين ومن الاجانب الراغبين.
موقف ثالث ورابع وعاشر....
كان بعض رجال الاعمال يستقدمون الكثير من العمال الاجانب بغرض تشغيلهم في الصيد أو في أعمال البناء ومن ثَم يقومون بتجنيسهم مقابل مبالغ زهيدة يدفعونها للمسؤولين عن إصدار بطاقات التعريف وشهادات الميلاد ليتغلغلوا بعدها في الوظائف العمومية وينافسوا المواطنين الاصليين في أعمالهم وأرزاقهم.
وقد أخبرني ممن أثق فيه أن أجانب يحملون جوازات سفر موريتانية ذهبوا معه في بعثات خارجية لتمثيل بلادنا ,وكانوا يقضون إجازاتهم ويبعثون أموالهم إلى ذويهم في دول مجاورة ولم تستفد منهم موريتانيا أوقية واحدة.
المهم عند معظم الموريتانين ـ مسؤولين وغير مسؤولين ـ مبلغا يضعونه في جيوبهم وليذهب الوطن للجحيم.
فما الاسم الذي يجب أن نطلقه على مثل هذه التصرفات..أليست "الخيانة" في أبهى صورها؟
محمد محمود محمد الامين
موقع الجواهر